الثروة السمكية في حضرموت.. بين الإهمال المدمر والنهب الممنهج.!!
مقال للأستاذ/ عبدالحكيم الجابري
طالما نظر الناس إلى حضرموت بأنها عبارة عن خزان من النفط فقط، ووقع كثير من الحضارمة أيضا في ذلك الخطأ، حتى بتنا نسمع البعض يفاخر بالثروة النفطية وكبر المساحة فقط، ونسي هؤلاء ان حضرموت أكبر بكثير من مجرد كونها أرض تحوي في باطنها كميات هائلة من النفط، فحضرموت يا سادة ياكرام قبل كل شئ، ظاهرة حضارية انقطعت عن أداء أدوارها الإنسانية لأسباب سياسية قاهرة، وهي اليوم تتلمس طريقها من خلال المخلصين سبل العودة لريادتها في مختلف المجالات.
حضرموت التي يُعرف عنها بأنها الأكبر مساحة، في الخارطة الجغرافية اليمنية، وأنها تمتلك في باطنها أرقام مهولة من احتياطات النفط والغاز، فهي أيضا تمتلك من الثروات التي لا تعد ولا تحصى، سوى الثروات المعدنية أو الزراعية والسمكية، فجبال حضرموت ماهي إلا كنوز لم يستكشف الكثير منها، بينما تعرض البعض منها للنهب والتلاعب من قبل جهات خارجية وأخرى داخلية، ولايزال مسلسل النهب مستمر حتى اليوم من جهات معلومة وغير معلومة، في ظل غفلة أهلها وغياب الدولة العادلة.
ما أود الوقوف أمامه هو الكنز الثمين المتمثل في الثروة السمكية، فحضرموت التي تمتلك سواحل تمتد لمئات الكيلومترات، تتميز بجودة أنواع الأسماك والحيوانات البحرية فيها، حيث تعد أسماك التونة من مياه حضرموت على سبيل المثال، من أجود أنواع التونة على مستوى العالم، ونجاح مصنع الغويزي للتونة دليل ساطع على ذلك، إلى جانب باقي الأسماك والحيوانات البحرية التي تحظى بقابلية كبيرة في الأسواق العالمية، وهي ذات طعم وجودة كبيرتين.
خلال العقود الماضية تعرضت هذه الثروة للإهمال ولم تُستغل الاستغلال الأمثل، ولم توظف التوظيف الصحيح في التنمية والبناء، ناهيك عن التدمير الممنهج الذي تعرضت له، سوى بالاصطياد الجائر الذي ظلت تمارسه كثير من الشركات غير القانونية، أو بتدمير المراعي ومواطن عيش الأسماك والحيوانات البحرية، عبر استخدام طرق وأساليب ممنوعة ومحرمة دوليا، كالجرف أو التفجيرات وغيرها من طرق التدمير.
اليوم وفي ظل مرحلة جديدة ومختلفة كليا عن مرحلتي حكم الاشتراكي ونظام عفاش، لاتزال حضرموت غير قادرة على الاستفادة من ثرواتها السمكية، فالوضع الذي أفرزته الحرب وسيطرة التحالف على البحار، جعل اهل حضرموت يعانون أيضا من حرمانهم من الاصطياد بحرية، فهم ممنوعون حتى من المرور في بعض المواقع التي اعتادوا الاصطياد فيها، كما أنهم مهددون من قبل البوارج والسفن قبالة الشواطئ خوفا من الاعتداء أو الاعتقال دون أي سبب، وهكذا تستمر المعاناة وتستمر معها حرمان حضرموت من الاستفادة من ثرواتها.
وما يؤلم أكثر هو وجود بواخر اصطياد، تقوم بالاصطياد غير القانوني من أمام سواحل حضرموت، وهناك مصادر تتحدث عن وجود مصانع لتصنيع وتغليف التونة على بعض تلك البواخر، التي تقوم بالاصطياد وصناعة التونة، بل إن هناك من يتحدث عن قيام بعضها وهي يابانية بتقليد شريط مصنع الغويزي استغلالا لسمعة هذا المصنع، دون أن تحرك السلطات ساكنا ولا قوات التحالف المنتشرة في المياه المقابلة لحضرموت.
بات من المهم جدا، أن يتداعى الحريصين على حقوق حضرموت، إلى العمل العاجل للحفاظ على ثروات حضرموت المختلفة، ومنها الثروة السمكية التي تتعرض للنهب والتدمير، كما يجب مخاطبة قوات التحالف بأن استمرار حظر الاصطياد والغوص في الأماكن المعروفة بات غير مقبولا، خاصة وأن حضرموت تنعم بالأمن والأمان، ولاتوجد مبررات لبقاء كل هذه الممنوعات، وان من حق صيادي حضرموت أن يمارسوا مهنتهم في سواحلهم ومياههم الإقليمية، متى وكيف ما شاءوا، بالقدر المسموح به قانونا وعرفا.
اتمنى أن يتحرك الجميع لتدارك ما يمكن تداركه من ثروتنا السمكية، التي تمثل أهم من الثروة النفطية وتفوقها، والأمر يسري على باقي الثروات المعدنية والزراعية، على أن توضع الخطط والتصورات للاستفادة الصحيحة منها، في التنمية وخلق واقع افضل للإنسان الحضرمي ومستقبل الأجيال القادمة.