الإثنين , يونيو 9 2025

تشكيل هيئة قضائية بديلة يعمق أزمة القضاء ولا يحلها

 

 

تشكيل هيئة قضائية بديلة يعمق أزمة القضاء ولا يحلها

 

▪️مقال للكاتب عبدالحكيم الجابري

هي سابقة في تاريخ القضاء المدني بأن تقدم نقابة أو مكون حقوقي على تأسيس هيئة قضائية، بعد أن أعلن نادي القضاة الجنوبيين عن تشكيله هيئة قضائية لإدارة القضاء في مناطق تواجده في محافظات الجنوب، علاوة على ما يعنيه ذلك من خروج وقفز على قواعد العمل الإداري القانوني في إنشاء الهيئات القضائية، فهو انقلاب على الدستور والقوانين المنظمة للعمل القضائي، والذي يحرم بموجبه على المشتغلين في مجال القضاء العمل السياسي.

إن ما تم الإعلان عنه من قبل نادي القضاة الجنوبيين وتوجههم الى خلق هيئات قضائية بديلة في محافظات الجنوب، هو مزيد من التعقيد والتعميق للمشكلة القائمة بسبب تعطيل القضاء في المناطق المحررة، ولا يمكن أن يكون حلا للخلاف القائم بين هؤلاء القضاة وبعض الهيئات التنفيذية والقضائية العليا، بل على العكس فإنّ اللجوء لمثل هذه الوسائل إنما يضاعف من تشتت القضاء، ويخلق مزيد من التباعد بين الطرق الممكنة لحل الخلافات، وكل ذلك ينعكس سلبا على واقع المواطنين، ويضاعف من معاناتهم بسبب استمرار إغلاق المحاكم والنيابات.

إنّ اللجؤ للخيارات المتشنجة والمتطرفة ستقود حتما الى مزيد من تدهور العلاقة بين أطر القضاء المختلفة، كما إنها تزيد هوة الشقاق مع الجهات التنفيذية، وتكون المصيبة أكبر عندما تأخذ طابع سياسي، وهو ما يلمسه المواطنين من تماهي وتناغم بين مواقف عدد من القضاة مع مكونات سياسية لا تخفي رغبتها في استغلال القضاء لتحقيق أهداف سياسية، حتى وإن كان ذلك على حساب العدالة وحقوق المواطنين.

إن اللجؤ إلى إعلان هيئة قضائية في الجنوب بعيدا عن الأطر والهيئات الدستورية والقانونية المنظمة للعمل القضائي هو خطأ آخر، لن ينتج إلا مزيد من فقدان المواطن للثقة في القضاء والقضاة، وعندما تفقد الثقة تكون المخاطر أكبر، وتكون جميع الاحتمالات السيئة متاحة في المجتمع.

تعطيل القضاء هي فرصة للمجرمين والخارجين عن القوانين وعديمي القيم لممارسة تجاوزاتهم وارتكاب جرائمهم، لأنهم في مأمن من العقاب والمسائلة، وهذا الذي يتأكد كل يوم يمر من تعطيل القضاء في عدن أو غيرها من المحافظات، ونرى ونسمع كل يوم عن الجرائم والتعديات على الحقوق والحريات، ويظل المجرمون دون حساب أو عقاب، مشمولين بحماية توفرت لهم بغياب العدالة، العدالة التي سقطت ضحية للولاءات الحزبية والسياسية، وسيدفع الجميع ثمن ذلك الفعل أو حتى السكوت عليه.

عن ادارة التحرير

شاهد أيضاً

أن تحيا لا أن تعيش

  أن تحيا لا أن تعيش يخيّل لكثير من الناس أن أعظم ما يُبتلى به …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *