الشيخ عبدالله بن محسن الكثيري وحكاية العلم الحضرمي المستقل.
بقلم : م.لطفي بن سعدون.
المكلا :١١ نوفمبر ٢٠٢٢م.
تصاعد هذه الأيام وهج الحراك الحضرمي المستقل ، المنادي بانتزاع حقوق حضرموت ومطالبها المشروعة وعلى رأسها استقلالها السياسي وسيطرتها على أرضها وثرواتها وتمكينها من إدارة شؤونها الإدارية والعسكرية والأمنية والتنموية والإقتصادية ورفضها القاطع لأية تبعية مذلة للجنوب او للشمال ونديتها معهم، وأصبح هذا الحراك الحضرمي يكتسب انتشارا جماهيريا وجغرافيا غير مسبوق شمل الوادي والساحل والهضبة وحتى شبوة وارتفع فيها العلم الحضرمي المستقل كرمز للوحدة الوطنية والهوية الحضرمية الخالدة.
وفي خضم هذه الانطلاقة الجماهيرية الواسعة لأبناء حضرموت، وتقديرا وعرفانا لجهود الرواد الأول للحراك الحضرمي المستقل، سنتناول جهود أحدهم، من الذين وضعوا بصماتهم المميزة عليه ، وقادوا سفينة الاستقلال الحضرمي بهمة عالية ومثابرة دؤوبة في ضروف وتحديات صعبة، وبذلوا فيها الجهد والمال وتحملوا المخاطر والمضايقات من كل الخصوم الشماليين والجنوبيين، في وقت كان فيه القابض على استقلال حضرموت والمطالب به كالقابض على الجمر ، وكانت أعدادهم حينها لاتتجاوز العشرات.
إنه الشيخ السلطان عبدالله بن محسن الكثيري ، سليل السلطان ابوطويرق موحد حضرموت وقاهر الأستعمار البرتغالي في معركة الشحر ، الذي صدع بصوت الحق الحضرمي ونادى باستقلال حضرموت، ورفض التبعية للجنوب وللشمال ، مؤكدا أن الحضارمة ليسوا جنوبيون ولا شماليون وانهم ليسوا أتباعا لأحمر أو أبيض. وكان منزله مفتوحا ، خلال المؤتمرات واللقاءات الموسعة التي تجري في الرياض ، لكل القوى الحضرمية رسمية ومجتمعية ، يحثهم على تبني حقوق حضرموت وتقريب وجهات نظرهم وزيادة تلاحمهم لكل ما من شأنه خدمة حضرموت ورفعتها وانتزاع حقوقها، وتحديد رؤية حضرمية مشتركة للجميع على الأقل بحدها الأدنى .
وهنا سنسرد أهم المحطات المفصلية التي برز فيها هذا القائد الحضرمي المستقل ، مبينا حقوق حضرموت ومطالبها المشروعة وعلى رأسها استقلال قرارها السياسي ورفض تبعيتها للشمال أو للجنوب، ومستميتا في تبني هذا الحق والدفاع عنه وإيصاله بقوة لكل المحافل المحلية والإقليمية والدولية حتى نمت هذه البذرة وطالت وأشتد عودها، وأصبحت تمثل تيارا جماهيريا قويا، يستقطب أفئدة وعقول الآلاف من أبناء حضرموت كما هو ظاهر للعيان في وقتنا الحاضر.
البداية القوية للشيخ السلطان عبدالله بن محسن كانت من مؤتمر القاهرة التاريخي في ١١يونيو ٢٠١٢م، الذي جمع قيادات وممثلي القوى الجنوبية والحضرمية برعاية الخارجية البريطانية وإشراف السفير البريطاني في القاهرة ومشاركة ممثلي الدول الراعية للمبادرة الخليجية وعددها ١٤ دولة عربية ودولية، حيث قدم رؤيته و رؤى أخرى وصلته من مكونات وشخصيات حضرمية تتفق جميعها على الحق المطلق في تقرير المصير لشعب حضرموت، وطالب فيها المجتمع الدولي بالإستماع إلى ما يطرحه أبناء حضرموت من خلال من يمثلهم تمثيلاً صادقاً وأميناً و شفافاً، وليس من خلال من يُـجبرهم على أن يكونوا جزءاً من الجنوب أو جزءاً من اليمن كما طالب الجميع بالنظر للقضية الحضرمية في أطرها القانونية والشرعية ووفق المواثيق والمعاهدات والاتفاقات الدولية كميثاق حقوق الإنسان وميثاق تصفية الأستعمار وحق تقرير المصير وأكد بصورة رسمية بأنّ شعب حضرموت يحق له أن يُعبّر عن مطالبه المشروعة في استرداد حقوقه بالوسائل السلمية الخالية من العنف و الإرهاب، والاستجابة لهذه المطالب المشروعة طالما وأنّـها تتفق مع الشرعية الدولية، ودعا لدعم كل اتجاه سلمي يطالب بهذه الحقوق المشروعة لشعب حضرموت دون إكراه أو تعسف أو تعدّي على حقوق الآخرين إنْ كانت للآخرين حقوق في حضرموت.
وللاسف فقد تشنجت بعض القيادات الجنوبية ورفضت الرؤية المقدمة، الأمر الذي أدى الى عدم خروج المؤتمر ببيان ختامي.
وكانت المحطة الثانية الأقوى هي مشاركة الشيخ السلطان عبدالله بن محسن الكثيري كرئيسا للوفد الحضرمي المشارك ورئيسا فخريا للعصبة الحضرمية، في لقاء الرياض للقيادات الجنوبية والحضرمية، الذي عُقِدَ في ١٨ ديسمبر ٢٠١٢م برعاية الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ورئاسة أمينه العام الزياني، وشكلت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الحضرمية، لأنه أول محفل خارجي تُطرَح فيه قضية حضرموت رسميا . حيث قدمت فيه مذكرة باسم عصبة القوى الحضرمية، وأرفقت بمشروع ورؤية حضرمية متكاملة للعصبة الحضرمية لحل القضية الحضرمية ، إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي، الذي وعد بدراستها ووضعها محل الاعتبار.
وفي هذا اللقاء رفع الحضارم صوتهم عالياً مطالبين بحقهم في تقرير المصير، معتبرين أن نصف قرنٍ من سيطرة أنظمة الجنوب والشمال في اليمن على بلادهم ينبغي أن ينتهي، وأن يكون لهم القرار في تحديد شكل النظام الحاكم في مناطقهم ومن سيحكمهم أيضاً.
ودعا الحضارم خلاله، إلى حل قضية حضرموت بشكل منفصل عن القضية الجنوبية، لأن حضرموت ليست جنوبية ولا شمالية.
ثم توالت أنشطة وجهود ومشاركات الشيخ السلطان الكثيري محليا ودوليا لانتزاع حقوق حضرموت ومطالبها المشروعة ولملمة الشتات الحضرمي وتوحيد صفوفهم، فقد كان من الداعمين والمناصرين بقوة لتأسيس حلف قبائل حضرموت في يوليو ٢٠١٣م ، وشارك شخصيا في اللقاء الثاني للحلف في ١٠ ديسمبر ٢٠١٣م، بعد مقتل الشهيد سعد بن حبريش ورفاقه رحمهم الله في ٢ديسمبر ٢٠١٣م، والذي أقر فيه قيام الهبة الحضرمية الأولى في ٢٠ ديسمبر ٢٠١٣م.
و شارك بقوة في مؤتمر الرياض الإول في ٢٠١٥م والثاني في ٢٠٢١م ضمن وفد المكونات الحضرمية المستقلة.
وساهم بقوة لإنجاح فعالية رفع العلم الحضرمي المستقل في سيئون بيوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٢م والتي دعى لها تجمّع أبناء قبائل آل كثير.
في أعقاب المشاركة في مؤتمر القاهرة في يونيو ٢٠١٢م، كان الشيخ السلطان الكثيري من أول المبادرين لفكرة عمل علم حضرمي مستقل، يرمز لوحدة أبناء حضرموت، وأشرف على متابعة اعداده من قبل النخب الحضرمية في الداخل والمهجر حتى إقراره بصيغته النهائية الحالية بيوم ١٦ يونيو ٢٠١٣م ، بعد مداولات وتعديلات استمرت لعدة أشهر، والذي يتشكل من الآتي:
1- اللون الاخضر في الاعلى يرمز الى خضرة وادي حضرموت .
2- اللون الابيض في الوسط يرمز الى سلمية ابناء حضرموت وحبهم للسلام.
3- اللون الازرق يرمز الى لون بحر الحضارم (ساحل حضرموت ) .
4- اللون الاحمر على الجانب الايسر ( سارية العلم ) ويرمز الى تضحيات ابناء حضرموت من اجل الحفاظ على هويتهم الحضرمية ونيل استقلالهم .
5- شجرة العلب ( السدر) في وسط العلم وترمز الى عطاء الحضارم وخير ارضهم ومنه العسل الذي هو شفاء للناس.