الجمعة , ديسمبر 5 2025

التحكيم القبلي.. حين تغيب العدالة ويختنق صوت القضاء

التحكيم القبلي.. حين تغيب العدالة ويختنق صوت القضاء

عند حصول نزاع بين أشخاص يلجأ الناس عادة إلى القضاء، لكن الجميع يعرف حال القضاء في اليمن وما يعانيه من تعقيد وتأخير فكم من قضايا بقيت لسنوات طويلة دون حل ولا أفق واضح لإنهائها.ولذلك لم يكن مستغربا أن يلجأ الناس إلى التحكيم القبلي أو العرفي وفق عادات وتقاليد كل منطقة وهو نظام اجتماعي متجذر استطاع عبر الزمن أن يحفظ الأمن ويحل النزاعات خصوصا قضايا القتل والثأر التي تُعد بمثابة قنابل موقوتة إن لم يُسارع أحد في نزع فتيلها انفجرت وامتد ضررها وتوسع.

بل إن الدولة نفسها تلجأ للتحكيم القبلي في بعض القضايا لا سيما تلك التي تتعلق بحوادث القتل أو إطلاق النار بين أفراد الدولة والمواطنين لما يمثله هذا الحل من خيار وسطي يدرأ الفتنة ويوقف شلال الدم قبل أن يتدفق ويصعب إيقافه.وفي مثل هذه الحالات تمنح الدولة الحق لأولياء الدم في قبول الديات كما أباح الشرع ذلك درءا للمفسدة وتحقيقا للتهدئة.

وفي قضية مقتل المواطن كامل بن طالب الكثيري وابنه عبدالله رحمهما الله داخل سجون الدولة كانت القضية شائكة ومعقدة ومليئة بالشحن والاحتقان خصوصا بعد تسرب أخبار وفاتهما بعد فترة من إلقاء القبض عليهما دون إبلاغ ذويهما.سعى أولياء الدم في كل طريق لانتزاع حق أبنائهم وتدخل السعاة من الشيوخ ورجال الدولة بل والمحافظ الأستاذ مبخوت بن ماضي بنفسه حتى توجت تلك الجهود بقبول الدولة التحكيم من أولياء الدم درءا للفتنة وحفظا للحقوق.

غير أن البعض ما زال يهاجم التحكيم القبلي دون أن يدرك حجم القضية ولا تعقيدها وكأن في أيدي الناس حلولا سحرية!لقد كانت القضية نارا على وشك أن تشتعل والفتنة كانت قريبة وتدخلات شيطانية بدأت تتسلل من كل جهة لكن التحكيم أغلق هذا الباب بالحكمة والعقل قبل أن تنجر حضرموت إلى صراع لا يُحمد عقباه.

إن القضايا المعقدة تحتاج إلى رجال يبحثون عن الحلول لا عن المعارك فليست كل الأمور تُدار بعقلية الخصومة والتصعيد.

وقد مكثت هذه القضية ثلاث سنوات ونصف ولكل قضية تفاصيلها الخاصة وأهل الشأن أدرى بواقعها.

والصلح خير ومن تنازل فقد قدّم موقف شرف وشهامة وصونٍ للدماء.قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾وقال الله تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾

ودام مثل هذه الحلول تطفئ نار الثأر وتقلل الاحتقان والأحقاد فهي خير وأفضل من استمرار الفتنة وحضرموت اليوم أحوج ما تكون إلى أصوات العقل والحكمة التي تحفظ دماء أبنائها وتبني جسور التآلف بين مكوناتها الاجتماعية.

ماجد بن طالب الكثيري

عن ماجد سعيد بن طالب الكثيري

شاهد أيضاً

يوم النكبة الحضرمية  17 سبتمبر 1967م ..

يوم النكبة الحضرمية  17 سبتمبر 1967م .. في أواخر أغسطس 1967م أوعزت الحكومة البريطانية إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *