حدث غيّر مجرى التاريخ..
غزوة بدر الكبرى…
في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة انتصر المسلمون بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم على مشركي مكة في غزوة بدر الكبرى، التي كانت فرقاناً بين الحق والباطل، وآية أن النصر من عند الله وحده.
لو قيست غزوة بدر بالمعارك الطاحنة التي امتلأت بها صفحات التاريخ فإنها لن تتعدى أن تكون معركة صغيرة بين طائفتين قليلتين في العدد والعدة، سواء من جهة المسلمين، الذين لم يتجاوز عددهم 313 مقاتلاً، أو من المشركين، الذين لم يصلوا إلى ألف مقاتل. أما إذا اعتبرنا أهمية المعارك بنتائجها فإن غزوة بدر ستتصدر أهم معارك التاريخ قاطبة، من ناحية أنها غيّرت مجرى التاريخ..
معركة بدر الفاصلة بين الحق والباطل..
يوم اعز الله فيه الإسلام وأذل فيه الكفر والمشركين.
فيها من الدروس والعبر لن تكفيه مئات المجلدات..لكن نستخلص بعضها في هذه العجالة :
ــ كن مع الله بيقين يكون الله معك ويمدك بملائكته مثل ما حصل مع صحابة رسول الله يوم بدر…
ــالدعاء… الدعاء… والإلحاح فيه… والرسول عليه الصلاة والسلام ظل يدعو ويدعو حتى سقطت عباءته ..إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد يا الله… والرسول عليه الصلاة والسلام موقن بالإجابة… لكنه درس لنا أن نلح على الله بالدعاء في كل وقت وحين وخصوصا اوقات مظان الإجابة…
الدعاء له رونقه، وله مفعوله الحاسم في قضاء الحوائج. ولاسيما عندما يتضرع متضرع مظلوم إلى ربه في جوف الليل، وهذا ما حدث في غزوة بدر، حين قضى النبي –صلى الله عليه وسلم- ليلة بدر يتضرع إلى ربه بالدعاء. ولكن عند اللجوء إلى الله –تبارك وتعالى- لابد من الأخذ بالأسباب، واستيفاء القوة المناسبة والمتاحة. وعند العجز تدركك قدرة الله –عز وجل- وقد تجلّى ذلك واضحًا يوم بدر، حين كان عدد المشركين وعدتهم تعدل ثلاثة أضعاف المسلمين، ولكن قدرة الله كانت مع عباده المؤمنين.
النصر لا يقاس بتوفر القوة المادية والأدوات الحربية، والعدد والكثرة. ولكن الانتصار في المعارك العقائدية والإيمانية يحتاج إلى الثبات والإيمان والذكر وطاعة الله ورسوله وعدم التنازع والصبر، وهذا ما نص عليه القرآن الكريم عندما قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
الاستغاثة بالله وقت الحاجة مع توفر الأسباب من أكبر مقومات النصر، فعندما اشتد الوطيس، وتلاحم الجند، وجد المؤمنون مدى تجهيزات المشركين الكبيرة لتلك المعركة. هنا أصاب المسلمين الخوف من الهزيمة فاستغاثوا بربهم فأغاثهم بأن أمدهم الله بمدد من عنده، كما حكى القرآن الكريم فقال: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ). كما أن أنّ تقوى الله إلى جانب وحدة المؤمنين وتآلفهم كان سببًا وطريقًا لتحقيق النصر.
والنصر بيد الله وحده، وأنه مهما توافرت العدة والعدد، فإنه لا يمكن حسم المعركة بدون التوكل على الله تعالى.
وقد كان لمعركة بدرٍ الكبرى أثر عظيم في مستقبل وتاريخ الإسلام. فبمقتضى النصر الذي تحقق للمسلمين في تلك المعركة كان انتشار الإسلام وتقوية شوكته وانتشاره. ومن هنا سميت بيوم الفرقان وذلك لأنه معركة فرقت بين الحق والباطل..
نسأل الله عز وجل بقدرته أن ينصر الإسلام والمسلمين ويعز راية الإسلام واهله وتعود الانتصارات للمسلمين مثل يوم بدر والأحزاب وما ذلك على الله بعزيز..