الثلاثاء , مايو 21 2024

وقفات تأمل ومراجعة مع الحضارم

 

وقفات تأمل ومراجعة مع الحضارم

▪️مقال للأستاذ/ حسن محمد الكثيري

يعصر جميع أبناء حضرموت المسلوبة ــ الألم لما آلت إليه حياة أبناء وطنهم مهددة الإنسان في معاشه ومصيره وثقافته ــ بل وقيمته كإنسان أوتي من الله سبحانه وتعالى حق الولاية على أرضه بإقامة كيانه عليها وتولّي إعمارها وتسيير دفة الحياة فوقها، ويحدوهم الأمل بأن يتمكن أبناء حضرموت من تحقيق إرادتهم باستعادة وطنهم واختيار نمط الحكم الذي يعيد لهم كرامتهم ويحقق أمنهم بالسير نحو المشاركة الحرة الفاعلة بمحض إرادتهم، وليس بالتسيير كما هو حاصل خلال الخمسين عاماً الماضية، واغتنام هذه الفرصة الثمينة التي هيأها الله سبحانه وتعالى لكم، فإن ضاعت (فلا حول ولاقوة إلا بالله).
أخوتنا ابناء حضرموت الأعزاء، كفانا من تسلط الآخرين علينا ومن أصحاب الرؤوس الخاوية من المشاركة في تدمير مقومات حياتنا، ولن يتحقق ذلك إلا بتوحيد كلمتنا ورؤيتنا، والوقوف معاً صفاً واحداً في وجه من يريد أن يعبث بحياتنا كما فعل خلال الخمسين عاماً الماضية..
وفي سبيل تحقيق هدفنا المنشود باستعادة الوطن الغالي حضرموت..وإنقاذ مواطنيه مما تردوا فيه، وذلك كما يرى أخوتكم كالتالي:

أولاً : تحديد الهدف … واجتماع الكلمة عليه.

ثانياً: استشعار الأخطار المحدقة بكم كشعب له حضارة يراد تدميرها (والأخطار جمة خارجية وداخلية).

ثالثاً : التزام الجميع بالولاء لله وحده.

رابعا: التزام الجميع بالانتماء للوطن حضرموت.

خامساً: الإلتزام بالعمل لتحقيق الإرادة .. وهي : (تقرير مصير شعب حضرموت)

سادساً: التجرد الكامل من أي ولاء لغير الله، والانتماء لغير الوطن ــ سواء كان لجهات حزبية أو عقائدية أو فئوية أو مذهبية … الخ.

أخوتنا أبناء حضرموت الأعزاء بعد المقدمة وما أوضحنا فيها من مسؤولية ملقاة على أبناء حضرموت في الوطن والمهجر بمختلف فئاتهم نتمها بمقطوعة من رائعة الشاعر الكبير:

علي أحمد باكثير – يرحمه الله (المخطوطة)

صبراً بني قومي فما أحسب إلا أنه شاء القدر

أن تنهضوا اليوم بما قام به يوماً عمر
إذ جاهد الطغاة في العالم فانتصر
وحرر البشر .. من مجرمي البشر
ووطد السلام في الأرض وعدله انتشر

الوقفة الثانية: للتأمل والتحفيز والمراجعة :

إنكم أبناء حضرموت أصحاب حضارة وتراث فكري ومادي، وغنى أبناء حضرموت الأدبي أربى من الغناء المادي ، فبالغنى الأدبي حمل أجدادكم رسالة الإسلام، رسالة الحق والخير والسلام، فأشرقت بها أمم وشعوب في أقصى المعمورة فاستنار بها الفكر واستقام بها الضمير فنعمت بها واستفادت منها أجناس شتّى من أصفر وأسود، وفي الجانب المادي، مكّن انتشار أبناء حضرموت في الرقعة الواسعة من الأرض … في أن يقع بين أيديهم رخاء أممها، وشظف عيش شعوبها ومن الأمثلة البسيطة لذلك .. أن قام تاجر من (سنغفوره) بإدخال أول مطبعة إلى بلاد اليابان حوالي عام ١٨٥٠م .

تلت ذلك سنون وتوالت قرون، ركن الحضارم فيها إلى التسليم والإتكالية انتقلوا خلالها من ضعف إلى ضعف ومن سلبية إلى أخرى … حتى جاءنا عام ١٩٦٧م فشكل بداية القضاء على ما تبقى من كرامة أهل حضرموت وتراثهم وفكرهم وحضارتهم.. حتى اليوم.

فطوتنا الخمسين عاماً المنصرمة طياً شنيعاً، هدت كيان أمة حضرموت ونكست راياتها وعاثت في تراثها فساداً وتشويهاً وحاولت جاهدة طمس معالم حضارتها وتزوير تاريخها، إخواننا الحضارم .. إن لم نضع أصابعنا على مواطن الداء في أجسامنا فلن يأتي من خارجنا من يفعل ذلك.

إن الجفوة بين ابناء حضرموت وبين الحياة … هي مكمن الداء وموطن الخطر وهي تقف بهم في أول الطريق الطويل الشاق … إن خطوا خطوة إلى الأمام تراجعوا بها عشراً إلى الوراء، وهذا يشمل الجميع في الداخل ومن في المهاجر ما أسمجها من حياة أن يتدحرج فيها الإنسان وهو لما حوله كاره … وعنه منصرف بلا وعي ولا اكتراث ، لا يلبث هذا التدحرج أن يحول المجتمع إلى عبيد أبدانهم، قد يجدون طعام يومهم وقات يومهم، ولكن حيوانيتهم لا تلبث بهم طويلاً حتى تحولهم إلى نوع من القطعان المسترقة، بعد أن يصبح الطعام في أيدي غيرهم وما يرمى لهم إلا الفضلات المذلة … ومثل هذه المجتمعات التي سقطت في غيبوبة الموت الأدبي، تعاني من الجهل والفقر والمرض، والعطل العقلي وإذا حاولت أن تخاصم من أجل مطالب الحياة – جر عليها الهوان وكساها لباس الجوع والخوف.

إن الإتكالية والتسليم يورثان التخلف والجمود والذل والهوان، وهذه بدورها لا تجد لها أوعية أفضل من تلك العقول المغلقة، والحواسد المعطلة، والمواهب المطموسة.

إن ما أصابنا يا أبناء شعب حضرموت من هبوط بعد علو، وتوقف بعد حراك … لم يصبنا عرضاً ولا (خبط عشواء)، بل أصابنا نتيجة علل دفينه، وأمراض جمة .. وهذا مايستلزم الدراسة والتأمل والمراجعة فنحن شعب حضرموت بمختلف فئاته وحدنا وراء هذا الانهزام والتردي والتقهقر، ومثلما تسأل المنهزمين في معركة أحد …كيف ؟ ولماذا ؟ .. جاءهم الرد فقيل لهم.. (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على شيء قدير)

ونتساءل في حيرة: ما سر هذا الفتور الشايع بين أبناء حضرموت؟ في الأفراد والجماعات، من نخب المجتمع: من أساتذة وعلماء ومفكرين ومثقفين واغنياء .. الخ … جلهم متخاذلون .. وإذا حاولوا التحرك يختلفون ويختصمون عطل في العقل وغياب في الوعي وضعف في الحس..وتغليب المنفعة الفردية الشخصية

في وقت يؤمل منهم الاضطلاع بالسير والتحرك القوي نحو تحديد الهدف ووحدة الصف.. لماذا يتوقفون في أول الطريق كلما خطوا قليلاً، بينما يسير غيرهم من المفسدين والانتهازيين سيراً جاداً وحثيثاً .. والخوف كل الخوف … أن يصل إلى نهاية الطريق هؤلاء الذين قتلوا حضارتنا ودمروا تراثنا وأهانوا كرامتنا وجرعونا من كؤوس الذل والهوان سنوات طوال لما لا يمكن وصفه.. ثم باعونا في سوق النخاسة أرضاً وإنساناً .. فتوهمنا أن المالك الجديد سيكون أرحم منهم .. وسرعان ما تكشف الوهم عن كابوس خانق مرعب .. فإذا بهذا الجديد يعلن بصراحة دون مواربه عن حقده الدفين ويكشف عن وجهه
القبيح فلم يكن أقل إجراماً وظلما وهمجية.

إننا يا إخوتنا في حضرموت في حيرة مما يجري في الفترة التاريخية التي أشرقت فيها شمس الحقيقة، وتبين فيها الرشد من الغي، وظهر الحق أبلجاً ناصعاً .. أن تبقى فئات من أبناء حضرموت يتدافعون وراء جلاديهم السابقون واللاحقون .. الذين ذبحوهم ثم باعوا من بقي منهم.. يدافعون عنهم ويرفعون أعلامهم ويرددون شعاراتهم في عمه مشهود وجهل معهود وغباء منكود، وكأنهم ببغاوات تردد ما تسمع دون عقل أو رويه فليستمعوا إلى صوت
أمير الشعراء يقرع أسماعهم ويشخص حالهم فيقول :

انظر الشعب ديـون كيف يوحون إليه

قبل البهتان فيـه وانطلا الزور عليه

ملأ الدنيا هتافـاً بحياة قاتليـه

يا له من ببغـاء عقله في اذنيـه..

حسن محمد الكثيري

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

ستظل لنا نبراسا يضيء الطريق لنا

    ستظل لنا نبراسا يضيء الطريق لنا   سيظل المناضل الحضرمي الجسور العميد ملهي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *