مناضل للبيع
في واقعنا المعاش بات كل شيء معروضا للبيع ، بما أن هناك من يشتري .!
فمن جوالين البلاستيك التي كانت ترمى في القمائم ، إلى علب البيبسي الفارغة ، إلى الكراتين والأوراق إلى كل شيء ممكن أن تقع عليه يد الباعة .!
بل أن هناك هوامير لكل بضاعة تعرض للبيع ، لايستطيع غيرهم مجاراتهم في شراء تلك البضائع الوضيعة .
لكن أن يصل الأمر إلى بيع الناس أنفسهم فهذا مالم يكن في الحسبان .!
فآخر صيحات البيع والشراء أن يبيع المناضل نفسه ومواقفه لمن يدفع أكثر ، فتجد ذلك المناضل ، قوي الجنان ، طليق اللسان ، والذي إن تكلم أوجع ، وإن تحرك أفجع ، فيحسب له الأعداء ألف حساب ، ويهاجمون صفحاته في مواقع التواصل بأسمائهم أو خلف الأسماء المستعارة والألقاب ، وهو كالأسد الضرغام ، لايلتفت إلا لأربعين رجلا أو أكثر ، غير أنه كان يناضل على حرف ، فإن أصابه خير اطمئن به ، وإن لم يصب خيرا ، تحول من الضفة إلى الضفة ، وتحولت رزانته إلى شيء من الخفة ، فينقلب على عقبيه ، غير آبه بمشائخه الكرام ، ولا بسادته العظام ، ولا بقبائله من العيب والملام .!
قد يقول القائل أن الجوع كافر ، ويحل للمضطر أكل لحم الفيتة ، وما أشبه وجوه هؤلاء بالميتة ، فكيف بالرجل منهم أكل لحم نفسه .!
ولكن ألا يعلم هؤلاء *البياعون* أن الحرة تموت ولاتأكل بثدييها ؟
فهي أكثر أنفة ، وأكبر عزا منهم ، فليس هناك أسوأ من أن يبيع الرجل نفسه ليصبح عبدا لغيره ، مقابل دراهم معدودات ، فتعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، تعس وانتكس .
مقال/ فايز الصيعري