الخميس , مارس 28 2024

80 مليون قطعة سلاح بيد الشعب اليمني, لكن…! أين…؟ متى…؟ لماذا…؟

 

 

80 مليون قطعة سلاح بيد الشعب اليمني, لكن…! أين…؟ متى…؟ لماذا…؟

 

ارتبطت الصورة الذهنية في العالم عن اليمني, أنه ذلك الرجلُ القَبَلِيُّ, الصحراويُّ الجبلي, قويُّ الشكيمة, صَعْبُ المِرَاس, المحافظُ على أصالته وعزته, الحاملُ للسلاح القديم (الجنبية) والسلاح الحديث (الرشاش).

والسلاح عنصر أصيل من عناصر الشخصية اليمنية, فالسلاح موجود في الأفراح والأتراح وفي الأعراس وفي الأعياد والمناسبات والولادة وفي مجامع الصلح القبلي وفي السفر وفي الحضر, وهو عنصر ثابت لم تستطع الحكومات اليمنية على اختلافها نَزْعَ هذا العنصر ولا إغلاق أسواقه ولا إنهاء مظاهره؛ لأنَّ السلاح عنوان العزة والكرامة والإباء والرجولة.

يُطلَقُ الرصاص عند قدوم ضيف أو حفل عرس أو من أجل (التغرض) يوم العيد أو في رحلة برية أو من أجل صيد أو تحذير من خطر كالسيل, والفتى منذ صغره يعلمه أهله على السلاح حملاً واستعمالاً, ويتباهى أحدهم بحسن إتقانه ورمايته وجودة سلاحه, ويغالون في أثمانه وأنواعه من جنبيات أو رشاشات وغيرها, وما كل هذا إلا لبيان أصالة هذا العنصر في اليمن, واليمن منذ القدم مشهورة بصناعة أجود أنواع السيوف والرماح والدروع والأقواس والأسهم.

تذكر الإحصائياتُ أنه توجد بيد الشعب اليمني 80 مليون قطعة سلاح, ولأجل هذا كثيرا ما افتخر اليمنيون أنه يوجد عندهم جيشان هما: جيش الدولة النظامي, وجيش الشعب المسلح.

ولكن فتنة الحوثي المجرم كان لها رأي آخر, فعندما تفكك الجيش النظامي وانحلَّت عُرَاه, لم يظهر جيش مسلح من الشعب, إنما ظهر أفراد هنا وهناك ما هانت عليهم أنفسهم, وعلى كثرة السلاح في اليمن فقليلٌ مَن حَمَلَه في هذا العدوان الحوثي, وكانت الحال كما قال المتنبي:

وَما تَنْفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنَا
إذا لم يكُنْ فوْقَ الكِرامِ كِرامُ

فما فائدة الخيل الأصيلة والرماح الطويلة إن لم تكن بيد الشجعان, فالخيل من غير فارسها بهيمة سارحة, والرمح من غير حامله خشبة ملقاة, وقِسْ على ذلك, فالرشاش من غير محارب قطعةُ حديدٍ صَدِئَة مهملة, وفي الأمثال العامية: (الخيل مِن خيَّالها).

هذه الأسلحة في اليمن استُعْمِلَت في كل شيء ليس من شأنها, استُعْمِلَت في العيد والفرح والترح والولادة والاستعراض والتجارة والثأر والنهب.
*وعندما جاء الوقت الذي من أجله صُنِعَت واشتُرِيَتْ, وهو ردُّ عدوان المعتدين, وحمايةُ العرض والدين, ونصرةُ المظلومين, والثأرُ من الظالمين, لم نجدها إلا قليلا.*
فتبًّا لها وسُحْقًا من أسلحة تكثر عند السلم واللعب, وتَقِلُّ عند الحرب والجد.

لقد تبيَّنَ أن كثيرًا مِن حَمَلَةِ السلاح في السِّلْم لم يكونوا أهلاً له, وكانت الحال كما قال البحتري:

وَما السَيفُ إِلَّا بَزُّ غَادٍ لِزينَةٍ
إِذا لَم يَكُنْ أَمْضَى مِنَ السَيفِ حامِلُهْ

بَزُّ: ثوب, غادٍ: ذاهب, زِينة: مناسبة يتزيَّن الناس لها.

يقول: إن السيف إذا لم يحمله رجل أصلَبُ من السيف عزمًا وأشدُّ منه حدًّا, فما هو إلا أداةٌ من أَدَوَات الزينة للرجال، مثل الخاتم والمسبحة والساعة.

عذرتُ بعضَ الشعوب التي ذَلَّت وخَنَعَت؛ لأنها لا تحمل سلاحا ولا تعرف كيف تتعامل معه وهي ممنوعة منه, فما بالُ اليمنيِّ وهو ملازمٌ للسلاح منذ ولادته إلى وفاته, فعند ولادته يطلق الرصاص فرحا بميلاده, وعند عرسه كذلك, وفي كل عيد ومناسبة يرى السلاح ويستعمله, وفي كل بيت عدد من الأسلحة, قد استنشق اليمنيُّ بارود سلاحه ودخانه حتى امتلأ صدره, كيف يَخْنَعُ ويذِلُّ مَن كانت هذه حاله, *تالله إنها لإحدى الكُبَر*.

*ليس في السلاح قِلَّة, ولكن في الشعب ذِلَّة.*
إلا من رحم الله وقليل ما هم.

يقول المتنبي:
إنَّ السُيوفَ مَعَ الَّذينَ قُلوبُهُم
كَقُلوبِهِنَّ إِذا اِلتَقى الجَمعانِ

تَلقى الحُسامَ عَلى جَراءَةِ حَدِّهِ
مِثلَ الجَبانِ بِكَفِّ كُلِّ جَبانِ

صَدَقَ والله, فالسيوف إنما تعين الشجعان الذين لا يخافون في الحرب, وأما الجبناء فتصير السيوف معهم غير مجدية.

ولا يَنفعُ السيفُ الصقيلُ ولا القَنَا
إذا كانَ في كَفٍّ تَخُورُ وتَرجِفُ

يدخل الحوثي ببضعة مئاتٍ مُدُنًا كبرى, كل رجل فيها يستعمل السلاح, وكل بيت فيه عدد من الأسلحة, ولا تجد مقاومةً تُذكَر من الوَهَنِ والهَوَان.

ويدخل الحوثي قريةً بعشرة رجال ولا يواجههم أحد, ولو أطَلَّ عليهم رجلٌ مِن نافذته وأطلق النار عليهم لقضى عليهم, نعوذ بالله من الخزي والخذلان.

ومن *المفارقات* مدينة تسقط في يوم بلا مقاومة، وقرية تقاوم الحوثيَّ عامًا كاملاً.

وَمَنْ لَـمْ يَـذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ
يُـهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمِ  الـنَّاسَ  يُظْلَمِ

*80 مليون قطعة السلاح* كانت تجعل الأخ يقتل أخاه من أجل رأس ماشية أو قطعة أرض, أين هي عندما جاء العدو الذي أهلك الحرث والنسل وما ترك أرضا ولا ماشية.

*80 مليون قطعة سلاح* كانت تجعل القريب يقتل قريبه من أجل كلمة أو شتيمة, أين هي عندما جاء العدو الذي يفتري الكذب, ويشتم الصحب الكرام رضي الله عنهم, ويعطِّل المساجد, ويفجر المنازل, ويُضَلِّلُ العقائد.

*80 مليون قطعة سلاح* كانت تزُعِجُ الناس بأصواتها, لماذا لا نسمع اليومَ لها هَمْسًا ولا ركزًا؟!

*80 مليون قطعة سلاح* كانت تهدد الآمنين وتُفزِعُ المطمئنين, كل إنسان يخشى على نفسه من رصاصة طائشة, واليوم ما بالُها لم تفزع المعتدين ولم تهدد المجرمين؟!

*80 مليون قطعة سلاح* كانت تزاحم الناس بمواكبها المسلحة وأطقمها المدجَّجة, لماذا لم تزاحم العدو الصائل وتركت له المعمور والمهجور؟!

*80 مليون قطعة سلاح* عندما جاء الجِد, واصْطَدَمَ النِّدُّ بالند, واصْطَكَّ الحدُّ بالحد, كأنْ لم تَكُنْ بالأمس وصارت نِسْيًا مَنْسِيًّا!

*80 مليون قطعة سلاح* لم تُبْطِلْ مؤامرةً, ولم تُزْهِقْ باطلاً, ولم تَدْفَعْ مَكْرًا, ولم تَنْكَأْ عدوًّا, وجودها مثل عدمها!

*80 مليون قطعة سلاح* لا نريدها كلها, بل نريد زكاتها وهي مليونان, نعم *مليونان فقط*, يحملها الفتيان الشجعان, لن تُبقِيَ للحوثي شيئًا ولن تَذَر.

*يا أهل اليمن أدُّوا زكاةَ سلاحكم, ولا تَكْنِزوه كما يُكْنَزُ الذهبُ والفضة, بل آتوا حقَّه يومَ حصادِ العدو في الميدان.*

فَإِنْ لم تؤدُّوا زكاةَ سلاحِكم فلا سلاحَ ولا مالَ ولا كرامةَ لكم بعدها, وقد جَرَتْ سنةُ الله أنَّ مَنْ بَخِلَ بشيءٍ نَزَعَه الله منه وأخزاه به وأذلَّه, فاتقوا عذابَ الله قبل أنْ يتسلَّطَ عليكم مَن لا يتقي الله فيكم, ولا يَرقُبُ فيكم إِلًّا ولا ذِمَّة.

يا أهل اليمن، كيف تَذِلُّون وتَخنَعُون وتَجْبُنُون؟ وأنتم أهل السلاح من أول الدهر إلى يوم الناس هذا, لكم تُنْسَبُ السيوف اليمانية, والرماح اليَزَنية, والدروع السَّلُوقية, والأقواس المَاسِخِيَّة, والخناجر الحضرمية.

لا تقولوا: *(مؤامرة, مبيوعة, سُلِّمَت)* لا تُرجِفُوا بأنفسكم ولا تضخِّموا عدوكم, بحدِّ السيوف اليمانية, تُنصَر الملة المحمدية, وتبطل المؤامرة الدولية, وتنتهي المكايد الخارجية, وتنهزم العصابة الحوثية.

يا أيها اليمنيُّ المسلمُ الحرُّ, أقول لك ما قال أمير الشعراء:

بِــسَــيــفِـكَ يَـعـلو الحَـقُّ وَالحَـقُّ أَغـلَبُ
وَيُـــنـــصَــرُ ديــنُ اللَهِ أَيّــانَ تَــضــرِبُ

وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلْكِ في الوَرَى
وَلا الأَمــــرُ إِلّا لِلَّذي يَــــتَــــغَــــلَّبُ

فَـــأَدِّبْ بِهِ القَـــومَ الطُـــغـــاةَ فَــإِنَّهُ
لَنِــعْــمَ المُــرَبِّــي لِلطُــغــاةِ المُــؤَدِّبُ

وَداوِ بِهِ الدَّوْلاتِ مِــــن كُـــلِّ دائِهـــا
فَــنِــعْــمَ الحُــسَــامُ الطِـبُّ وَالمُـتَـطَـبِّبُ

تَـنـامُ خُـطـوبُ المُـلكِ إِنْ بـاتَ سـاهِـراً
وَإِن هُــوَ نــامَ اســتَــيــقَــظَــتْ تَـتَـأَلَّبُ

كتبه/ ناصر بن عبدالله

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

إلى اين نحن متجهون ؟

    إلى اين نحن متجهون ؟   كتب / امين بن كده الكثيري في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *