السبت , مايو 4 2024

هل تستحق تجربة حضرموت التعميم كما يقول البعض؟!

هل تستحق تجربة حضرموت التعميم كما يقول البعض؟!

عبدالحكيم الجابري:

يتفق العلماء على تعريف التجربة بأنها مجموعة الأفعال أو عمليات الرصد، التي تتم ضمن سياق حل مسألة معينة، أو تساؤل لدعم أو لتأكيد نظرية أو بحث علمي يتعلق بظاهرة ما غالبا طبيعية وأحيانا اجتماعية في حالة العلوم الاجتماعية، والتجربة أيضا يمكن أن تكون على المستوى الفردي، وهي تجارب شخصية للانسان، واما جماعية كتجارب المجتمعات البشرية.

وكون حياة البشرية تقوم على التجارب المتراكمة، فإنه لا يعيب أن يستفيد شخص أو حتى شعب من الشعوب من تجارب غيره، ولكن ما يتم الاستفادة منه والبناء عليه هي التجارب الناجحة، أما التجارب الفاشلة والمشوهة فإنها لا تستحق نقلها أو التأسي بها، وفي حالنا اليوم في اليمن برزت تجارب عدة، فرضتها الظروف الطارءة التي تمر بها البلاد، خاصة ان الحرب قد شتت ومزقت الأرض والنظام الى شطائر، وأضحت كل منطقة تعيش تجربة خاصة بها.

وأطلقت قيادة حضرموت مؤخرا دعوة لمجلس القيادة الرئاسي المشكل مؤخرا، بأن يستفيد من تجربة حضرموت، الأمر الذي يدعونا الى الوقوف أمام هذه التجربة، والنظر في ما إذا كانت تجربة جديرة بالاقتداء، أو انها تجربة تستحق أن يأخذ بها الغير ليطبقها، فان كانت تجربة فاشلة فهذا يعني انها لن تضيف شيء لمن سينقلها، بل إنها ستعطّل إمكانية خروجه من أزماته، وستزيد معاناته وستقضي على أي أمل بالخلاص.

حضرموت على مدى سبع سنوات تحصّلت على فرصة لم تحصل عليها أي منطقة أخرى في اليمن عامة، كونها كانت بعيدة عن النيران المباشرة للحرب، كما إنها كانت خالية من الصراعات السياسية كما يحدث في باقي المحافظات والمناطق، والبعض يقول ان السبع السنوات الماضية، منحت من أدار حضرموت فرصة تاريخية لم تكن مثيل لها من قبل، إذ حظيت إدارتها، بسلطات وصلاحيات مطلقة، كما إنها تحصّلت على إيرادات ودخل مالي لم تحلم به إدارة قبلها، إلا إن كل ذلك لم يغير شيء في أوضاعها، وكان المفروض أن تنهض حضرموت في مختلف المجالات، وكان جدير بها أن تكون نموذجا مغري لباقي المناطق، إلا ان الحرمان من أبسط الخدمات ظل السائد، ولا يمكن تصور نهوض أي منطقة في ظل غياب أبسط مقومات الحياة، فالخدمات مستواها في الحضيض، رغم انها عاصمة المال والثروة، إلا إن مواطنيها يقضون اكثر من نصف يومهم بدون تيار كهربائي، ناهيك عن باقي الخدمات الأساسية، وجمود مؤسسات الدولة كون القائمين عليها منزوعين الصلاحيات، ولا نتحدث هنا عن التضييق على الحريات العامة، والقمع وانتهاك حقوق الانسان الذي يحتاج مجال أوسع للحديث عنه.

قبل دعوة الآخرين بنقل تجربة حضرموت الى مناطقهم، أو تعميمها على مستوى البلاد، يجب تقييم هذه التجربة من جميع النواحي، وأن تجرى في سبيل ذلك الاستبيانات والبحوث، لا أن نتعاطى مع المسألة من خلال وضعنا الشخصي، كون من يدعو الى ذلك فهو يعيش في وضع خاص، ويظن ان جميع مواطني حضرموت يعيشون كمعيشته هو، أو ان مايقوم به هو الصح أو أنه يحظى برضا وقبول الناس، لا يا سادة، يجب فحص وتقييم هذه التجربة، ومن ثم الحديث عن تعميمها، أو الطلب من الآخرين الاستفادة منها، لا أن نخضع المسألة للمزاج والشعور الشخصي.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني

  مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني بداية من لا يشكر الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *