الأربعاء , مايو 8 2024

هازم البرتغاليين بين إنصاف المؤرخين القدماء وأكاذيب الحكواتيين الجدد(1)

 

 

 

هازم البرتغاليين بين إنصاف المؤرخين القدماء وأكاذيب الحكواتيين الجدد(1)

 

نعلم جميعا أن قائد معركة حطين ومحرر القدس هو صلاح الدين الأيوبي بناءا على روايات معاصريه، وإن جاءنا كاتب حالي وزعم أن صلاح الدين الأيوبي كان في القاهرة بينما هو في الحقيقة تارة يتنازع وتارة يتصالح مع الصليبين وإن القدس حررها المقدسيون المدنيون الذين كانوا تحت الاحتلال لعقود بدون دعم منه ومشاركة منه وقتها فضلا عن قيادته للمعركة، فالمنطق والعقل إننا سنكذبه لعدة أسباب أولا إنك خالفت كل من عاصر تلك الحقبة ولم تفعل إلا تحريف الحقائق فما هو صحيح شوهته إضافة إلى إنك افتريت على الشخصية العظيمة.

هذا ما حدث في التاريخ الحضرمي حقيقة..!!

شخصية حققت بطولة تاريخية في حضرموت وظفار وأكرمها الله بانتصار عظيم وهو حاكم حضرموت وظفار بدر بن عبدالله بن جعفر الكثيري الملقب عند المتأخرين ( بو طويرق)
كان صدى انتصاره إلى اسطنبول العاصمة العثمانية وإلى قوا معقل البرتغاليين في الهند وإلى مصر حيث والي العثمانيين، فضلا عن دولته في حضرموت وظفار بشهادة من أدرك تلك المرحلة.

*حامل لواء الخياليين أو الكذابين يدعى محمد عبدالقادر با مطرف*

*ومن الغريب أن هذي الشخصية لم تكن معاصرة للمعركة بحيث يكون لكلامها اعتبار فهي لم تدرك العصر ذلك ولم يسبقها أحد قط بخيالاتها بل جاءت بعد المعركة ب٤٠٠ عام لتشوه بطل المعركة وتلغيه وتمحو انتصاره..!!
لكن كان داهية للأمانة فقد أخفى البطل الذي خضعت لحكمه فرسان البرتغال بعد أن سلط الضوء على الهجوم على المدنيين وزعم عن تفاصيل معركة لم يذكرها أحد قبله وادّعى أعداد مهولة وتفاصيل مقاومة شعبية لا توجد في أي كتب التاريخ في تلك المرحلة وصاغ أشعار ركيكة ليس لها وجود في أي كتاب قديم ثم سلط الضوء على الشهداء السبعة في الهجوم على المدنيين ومن العجيب أن الكتب التي نقل منها روايته زعم أنها مفقودة!!!*

أما معركة رد الثأر والتي ذكرها الشيخ عمر با مخرمة المعاصر في قصيدته الشهيرة فقد تجاهلها والتي انتهت بقتل وأسر أكثر من ١١٠ من القراصنة البرتغال وعلى رأسهم قبطان ال١٤ سفينة التي قبض عليها السلطان فقد تجاهلها وبدأ يهاجم البطل ويزعم أنه متخاذل وأن هذا النصر لم يتم إلا بسبب أبيات ركيكة كتبها الغاضبين عليه ومن العجيب أن لا تجد  مؤرخ قبله يذكرها خلال ٤٠٠ عام .

*ولأن المثقفين الجدد كثير منهم يبحثون عن روايات جاهزة معلّبة فبلا شك أن كثيرا منهم لم يقرأ أي مصدر تاريخي قديم عن تلك المرحلة وإذا قرأ فهو  يخضع للرواية الحديثة ويعتبرها مرجع حتى لو كانت مخالفة جدا لما ذكره المؤرخون القدماء، ومن المضحك إذا وجدوا من ينقل لهم التاريخ من مصادره القديمة يعلنوا استنفارهم للدفاع عن الخيال والكذب..!!*

وهذا هو السبب الحقيقي لفعالية أقيمت مؤخرا اجتمع فيها باحثين كثر تحت توجيه مركز دراسات أراد أهله أن يدافعوا عن رواية رجل كذّاب بعد أن سمعوا صدى أوبريت الزواج الجماعي الثالث لقبيلة آل كثير والذي احتفى بشخصية هازم البرتغال الحقيقية..

الأوبريت لم يكن لدى أهله بفضل الله خيال كاذب بل رجعوا لكتب تفصيلية معاصرة تصف التاريخ بالعام والشهر واليوم، بينما المركز البحثي يواجه التاريخ برواية رجل يجعل من الشبر متر على كلام  مؤرخ معاصر له يملك نفس انتماءه .

أما مهنة حامل لواء الخياليين فقد عمل أكثر من ١٠ سنوات عند إدارة الاستشارية البريطانية وموظف عند الدولة القعيطية التي أخذت عاصمتها المكلا عبر مدافع بريطانيا وحظت بحمايتها منذ بدأت وحتى سقوطها *ويتحدث عن أن السلطان الذي جز رؤوس الغزاة وأسر قبطانهم ضمن ٤٠ من رجاله وأخذ كنوزهم وأجبرهم على الخضوع لشروطه وأدخلهم لسيئون وهم في ذل الأسر وأرسل بعضهم ليقتلوا في اسطنبول وأبقى بعضهم في حكم العبيد له يأتي هذا ليتهمه بالجبن والتخاذل وليؤلف أشعار ركيكة يزعم بها أن اهل الشحر هاجموا سلطانهم مع أن لو بحثت لا تجد أي كتاب يذكر هذي الأهازيج والحكايات الركيكة قبله إلا في تفسير واحد أنه خرجت من خياله فقط.*

أما القصة ببساطة لأننا قوم نحب الاختصار
ففي عام ٩٢٩ هجري غزا مجموعة من القراصنة البرتغاليين مدينة الشحر ونهبوا أهلها وكان هجوم مفاجئ غير محسوب له وأدّى هذا الهجوم على المدنيين العزّل إلى تشتت وانسحاب واستشهد في هذا الهجوم ٧ من شخصياتها ذات المكانة والفضل
ثم هرب القراصنة بعد أن نهبوا وأفسدوا
هذا ما قالته الكتب التاريخية المعاصرة لذاك الزمن
وذكرت عن أمير المدينة مطران بن منصور المدافع عنها والذي جاءه مدد من أمير الريدة عطيف بن دحدح وهذا في زمن السلطان التاسع من سلاطين الدولة الكثيرية بدر بن عبدالله كان في الوادي وقتها وبعد أن قام القراصنة بالنهب ليبحثوا عن مدينة ساحلية أخرى من شواطئ أفريقيا حتى سواحل بلاد العرب ولا ينتهي غزوهم لمدن الهند
كان قراصنة البرتغال اهل خبث وإجرام فتارة يأتون بدعوى التبادل التجاري أو التفاوض أو الهجوم المفاجئ إذا كانت البلدان لا يوجد فيها رجال مسلحين، ومما يذكر أنهم غزوا مدينة كمران وهي تقع في الساحل الشمالي الغربي لليمن ( تتبع محافظة الحديدة حاليا) وأجرموا بها وأسروا مجموعة من النساء والصبيان والرجال، وصادف وجود السلطان بدر بن عبدالله الكثيري في الشحر فسعى السلطان بعد قدوم السفن البرتغالية لفك أسرهم بالمال بمعاونة أهل حضرموت عبر فدية لإطلاقهم أيضا حاول السلطان تخفيف أذى هولاء المجرمين بمحاولة إعطاء قبطانهم بعض الهدايا لتحييدهم في عام ٩٤٢ هجري  لكن كانوا أخبث من أن يتم تحييدهم وفعلا أرادوا تكرار مسلسل الغدر في نفس العام فبعد عدة أشهر بيّتوا الغدر بأهل حضرموت بأربعة عشر سفينة في شهر رمضان المبارك في اليوم الخامس من عام ٩٤٢ هجري لكن كان بدر الكثيري لهم بالمرصاد وانتهت المعركة بالسيطرة على سفنهم وكنوزهم وعبيدهم وشهدت الشحر قتل ٣٠ مجرم برتغالي قصاصا لجريمتهم النكراء وهرب القبطان ورفاقه وعددهم ٤٠ رجلا ليحاصرهم السلطان بدر ورجاله وينتهي بهم الحال أسرى بعد طلب الأمان لهم *ثم يقبض على مجموعة منهم وكذلك تأتي الأنباء بهزيمتهم في ظفار وأسر ١٠ منهم ليصل عددهم إلى ١١٠ بين قتيل وأسير*

*وليفرض السلطان الكثيري شروطه على الغزاة بعد أن خضعوا له لإطلاق أسراهم فأبى وامتنع إلا بشروط قاسية عليهم ووفود قادمة وعائدة من معقلهم في قوا الهندية ويجبرهم على إحضار الأموال وعدم التعرّض للتجار القادمين من الهند وقام بإجبارهم على تكليف بعضهم بتعليم رجال البحرية لديه فنون الملاحة البحرية ومن أراد الاستزادة عن المعركة فليقرأ مقالي السلطان الذي هزم البرتغال في حضرموت وظفار*

هذي المعركة وتفاصيلها نقلها لنا المؤرخين الذين أدركوها باليوم والحدث وأهم مصدر تاريخي للأحداث في زمانه وهو كتاب تاريخ الشحر المسمى العقد الثمين الفاخر في تاريخ القرن العاشر لمؤلفه عبدالله بن أحمد با سنجلة وقد ذكرها بالتفصيل ووثّقها من عاصرها أيضا شعرا أيضا مثل الشيخ عمر بن عبدالله بامخرمة

يقول بو عليا بدا بدر السعادة واستنار
أضاء على الأرض حتى أطفأ بنوره كل نار
وأمست وجوه الكفر وأهل الكفر يعلوها قتار
فالحمد لله طاب لأهل الشحر فيها ماء الآبار

*واسفر محّيا الدَّين وآثرنا وأخذنا كل ثار*
*من عابدي الأوثان في تثليثهم لا زاد ثار*

ونلحظ أنه يتحدث عن ثأر رده السلطان ولو كانت رواية با مطرف صحيحة لذكر أن هذي المعركة التالية التي ننتصر بها ولم يؤكد الشاعر بأن السلطان رد الثأر وشفى غليل أهل الشحر وهذا دليل آخر على كذب بامطرف

*الله نصر لإسلام بك يا بدر يا عالي المنار*
*يا تاج رأس الملك يامن صيته استعلى وطار*
*حتى ملا الآفاق وأمسى كل خارب به عمار*

وخلّد عظمة الانتصار وأثره الشاعر عبد الصمد با كثير في مدح السلطان عمر بن بدر بعد ما يزيد عن نصف قرن من المعركة ويذكر كيف أثره على أقوى دولة إسلامية وقتها في زمن أعظم سلاطين العثمانيين نفوذا على الإطلاق وهو سليمان القانوني

*قمتم بحقّ ابن عثمان وطاعته*
*محبة هي منكم عن أب فأب*

*كمثل ما أسر الإفرنج من قدم*
*أبوك بدر بن عبدالله ذو الحسب*
*ساروا بهم في وثاق الأسر قد صفدوا*
*بعضا وبعضهم قد غلّ باللبب*

*هناك كان إلى إسطنبول مقدمهم*
*إلى سليمان يالله من عجب*

*السؤال لماذ مركز دراسات وباحثين ينكروا الحقائق ويجروا خلف رواية رجل إذا أرادوا أن يمدحوه أو يصفقوا لخيالاته قالوا إنه مبدع يخلط الحقائق بالخيال بمعنى أنه كذاب لكن يجوز له لأنه مبدع في الكذب  أو كما وصفه المؤرخ الناخبي وكلاهما كانا من رجالات الدولة القعيطية بأنه يجعل من الشبر متر! وفهم من يقرأ كافي*

بينما من جعل المجرمين صرعى وقدّم بعضهم كصيد لسليمان القانوني عبر واليه في مصر سليمان باشا وجعل الذين سلموا أنفسهم بعد أن طلبوا الأمان أسرى في حصن غيل باوزير لسنين ولم يخرجوا إلا بعد أن خضعت لشروطه هرمز التي تحظى بقاعدة عسكرية للبرتغاليين وقتها  ومدينة قوا الهندية التي تعتبر أكبر معقل لهم يتجاهلونه ويفترون عليه !

*بما أنكم تريدوا الخيال على حساب الحقائق خذوا هذي المعلومة المؤكدة جدي سعيد جاء من الوادي على فرس وشارك في المقاومة وقتل ١٠ من البرتغاليين بسيفه أما المصدر فهو الكتابين المفقودة التي نقل منها با مطرف..!!*

تحياتي

المراجع :

١. تاريخ الشحر المسمى العقد الثمين الفاخر في تاريخ القرن العاشر لمؤلفه عبدالله بن أحمد با سنجلة

٢.تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر لمحمد با فقيه

٣.تاريخ حضرموت لابن حميد الكندي

٤.الكندي، عبدالصمد بن عبدالله باكثير: ديوان شعر

٥.ديوان الشيخ عمر با مخرمة

 

عبدالإله سعيد بن عيلي الكثيري

عن عبد الإله بن سعيد بن عيلي

Avatar

شاهد أيضاً

” وادي سر بين هجرة اهاليه وتهدد اراضيه الزراعية “

      ” وادي سر بين هجرة اهاليه وتهدد اراضيه الزراعية “ مدير زراعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *