طال انتظار الحضارم لتدشين مجلسهم الوطني ، فمالسبب ياترى ؟!
من حيث المبدأ وبعد أكثر من نصف قرن على حضرموت وشعبها يجب أن يكون هناك واقعية في ولادة هذا الكيان الجديد ، فلا نحلم ونتمني على الله الأماني ونطالب بالكمال للمجلس وتكوينه ونستعجل تدشينه في هذه الظروف ومع المستجدات السياسية الأقليمية والدولية التي اربكت حسابات الدول ، يجب أن لا ننجر خلف عواطفنا مع ضحالة خبرتنا السياسية ، بل يجب أن نتقيد بنصائح الداعم ونجدد الثقة به وبمشورته لأختيار الوقت المناسب للتدشين ، خصوصاً مع ضعف إمكاناتنا وعدم امتلاكنا للقوة للدفاع عن مشروعنا وفرضه على ساحة البلاد ، وبالتأكيد هذا طموح يجب أن يكون هدف عموم الحضارم لكنه لا ينبغي أن يأخذ الحماس والعاطفة النخب الذين يعرفون حقيقة الواقع السياسي وخطورة المغامرة وإساءت التقدير للموقف ، يكون هذا مسعي النخب الفعلي ومن تحمّل مسؤولية المشاركة في التأسيس يجب أن يكون أكثر وعياً وأدراكاً للأمور ؟!.
فمن كان حماسه ومثاليته مقدمة على بصيرته وفهمه للمصلحة العليا لحضرموت بين إخوانه من المشاركين في مشاورات الرياض سيكون حجر العثرة التي ستكون سببا لفشل هذه المحاولة والفرصة الوحيدة التي أتيحت للحضارم ليكون لهم مجلس وطني يتحدث نيابة عنهم ويمثلهم ويدافع عن حقوقهم !!!.
من هذا حاله يقود المجلس بدل أن يكون مثالي وكامل الأوصاف ليكون ضعيفا مترهلا ويفتح الباب لآخرين للمطالبة بالمشاركة بحجة أنهم مكون محسوب على حضرموت وهم في الواقع من سيحرف هذا المجلس نحو الجهة التي كانت السبب في تداعي الحضارم للأبتعاد عنها !!!.
وهذه تجربة قد مرّت على حضرموت في جامعها الذي تجاذبته الولاءات حتى أعجزته عن الحراك والسير في مصلحة حضرموت !!!.
على من تحمّل مسؤولية بناء مجلس حضرموت الوطني أن يعوا واقعهم والواقع السياسي والاجتماعي الذي تمر به حضرموت والبلاد ومستجدات الأحداث الأقليمية والتداعي الدولي عليها ، فليس كل ما تمنى المرء يدركه، وليس من وفر لهم فرصة الأجتماع ودعمهم بضامن لهم تحقيق أمانيهم وليسوا في مركز القوة بحيث يفرضوا مطالبهم على الآخرين !!!.
بصفة عامة هذه أول محاولة سياسية للحضارم لتكوين كيان يمثلهم ، فهم حديثي عهد بدهاليز السياسة وأقرب للأمية في فهم معادلات المصالح وتأثير الإعلام وحرب وتسابق المتنافسين للهيمنة على حضرموت !!!.
ويزداد الأمر سوء حين يطغى الحماس عند البعض على خبرة متخصصين لهم باع بعلم في التخطيط الأستراتيجي الذي يأخذ في الاعتبار الواقع ويوظف الإمكانات والميَز النسبية ويراعي مصالح الآخرين للوصول لمصلحة عليا لحضرموت من المستحيل أن يصل لها من لا يملك إلا ذلك الحماس الأهوج !!!.
والسباق على كراسي تأسيس مجلس حضرموت الوطني من بعض من يظن أحقيته في التمثيل سيكون السبب في الفشل وتضييع الفرصة على حضرموت، وهو كالتسابق على القدي كما هو في عرف الحضارم ، فالقدي لا يتسع للجميع !!!.
وعضوية الهيئة التأسيسية للمجلس لا ينبغي أن تكون على مبدأ المحاصصة ، ولكن على أساس الأهلية للمهام التي يتحمّل الأعضاء مسؤليتها، وليس كل من ادّعى الأهلية مؤهلا ، فهذه مهمة تحددها رئاسة الهيئة ، ويجب أن يقبل بها الجميع ليس خضوعا لرغبة القيادة ولكن لمصلحة المجلس ومن ورائها مصلحة حضرموت ومجتمعها المنتظر ،،،
وكون بعض ممثلي المجتمع الحضرمي المشاركين في الحوار ليس موجودا في عضوية الهيئة التأسيسية للمجلس لا يعني التقليل من دورهم النضالي من أجل مجتمعهم، ولكنه يعني أن هؤلاء الممثلين والمشاركين في الحوار يعون مسؤولياتهم ويقدمون مصلحة حضرموت على رغباتهم الشخصية ويقفون في الموقع الذي تم اختيارهم ليقفوا فيه حسب المصلحة الأستراتيجيه وتوزيع الأدوار لخدمة حضرموت ، ولاشك أن دورهم هذا تتضاعف أهميته على واقع جغرافي حضرموت وفي الحضور الميداني فيها ،،،
ومطالبة بعض من لم يشارك في الحوار للمطالبة بالمحاصصة في الهيئة التأسيسية والعضوية في لجان الحوار ليس في مصلحة المجلس، لأنه يفتح الباب لتقديم التنازلات وتعدد الولاءات ، ويفتح الباب لمشاركة من لا تحمد مشاركته ، ويهز مكانة رئاسة المجلس ، وقد يطمع ممثل السلطة المحلية في رئاسة المجلس، ويضعف قرارات المجلس محليا ويفقدها الهيبة في تمثيل حضرموت وووو ….
هذا المجلس مبادرة جريئة تحمّل مسؤليتها نخبة ولاؤها خالصا لحضرموت ، ومن حقهم الاحتياط وإبعادها في هذه المرحلة الحساسة للتأسيس عما يحرفها عن مسارها ويؤثر على أهدافها حتى يخرج المجلس للوجود ويأخذ دوره في تحمّل مسؤولية المجتمع الحضرمي لتمثيله والدفاع عن حقوقه ،،،
ومن الدروس المستفادة من نضالات الشعوب أن من يحمل لواء النضال لا يتعدى نسبتهم 5% من تعداد السكان، ثم بعد التحرر يشارك الجميع في الحكم والإدارة ووفق النهج الذي يتفقون عليه ،،،
فالدعوات المطالبة بإلزام المجلس لاعتماد أدوات الديمقراطية في إدارتها والمشاركة تمثيل المكونات في المجلس في هذه المرحلة ما هي إلا دعوات لإفشاله ولوضع العصا في عجلاته لتعويقه عن السير ، فهي دعوات حق لكن يراد بها باطل !!!.
لكن بعد أن يتم تكوين المجلس ويأخذ دوره في تمثيل حضرموت ويمتلك الحضارم قرارهم على انفسهم ويمثلون أنفسهم بالإمكان الالتفات لتلك المطالب حين يكون الأمر شأن داخلي بين الحضارم لا يستفيد منه الطامع الأجنبي كما لو تم التطبيق في هذه المرحلة ،،،
يجب أن تبقى العلاقة بين مجلس حضرموت الوطني والسلطة المحلية علاقة شراكة وليس اتحاد يضيع حقوق الطرف الأضعف، فاليوم على افتراض أننا راضون عن السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ ، فما الذي يضمن بقاء هذا الود لو قصرت السلطة في واجباتها أو انحرفت عن مصلحة حضرموت، وما الذي يضمن بقاء المحافظ في موقعه ؟!.
إن الشراكة بين المجلس والسلطة المحلية مصلحة مشتركة للكل وتجيّر لمصلحة المجتمع، لذلك لابد أن تستمر هذه العلاقة وفق هذا المبدأ ،،،
( سالم باوزير )