من المسؤول عن مظلمة حضرموت ؟!
الحراك بجمع التواقيع على عريضة موجهة للهيئات والمنظمات الدولية بعرض تظلم حضرموت هي محاولة جادة من مبادرون يتألمون من ألم مجتمعهم ، لكن مظلمة حضرموت وغيرها من محافظات البلاد لاتحتاج لأثبات فهي أوضح من رؤية الشمس في رابعة النهار ، وكل الجهات التي عول عليهم الموقعون لايخفى عليها شيئ مما ورد في معاناتهم ، فالصمت المطبق يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها ؟!.
ومن حيث المبدأ يشكر هؤلاء الرجال على أحساسهم بالمسؤولية ومحاولتهم أنتزاع حقوق مجتمعهم ، ولا نشك أن مبادرتهم وتحركهم كان بدافع مصلحة حضرموت ولرفع معاناة أهلهم ، دافعهم أحساسهم بالمسؤولية والغبن والظلم الذي أكتوى به الجميع ولم يسلم منه أحد ، والسؤال هنا :
هل هناك ضمان لتحقيق النتيجة المأمولة ، أو هي محاولة دافعها عاطفة متقدة ومحاولة حماسية بغض النظر عن عاقبتها إن نجحت تحقق مصلحة الحضارم أو وقد تخيب فيتضاعف بها ضرر حضرموت ؟!.
والسؤال بصيغة أوضح :
هل يعتمد المبادرون على سياسة محسوبة العواقب ، فكما هو واضح أن ليس هناك أستثناء في الأتهام لكل الأطراف الممسكة بالملف اليمني بما فيهم تلك الجهات الدولية التي يعولون عليها في رفع المظلمة عنهم وعن مجتمعهم !؟؟؟.
في تصوري أن مظلمة حضرموت كما قلت واضحة لكن من يقف وراءها غير مهتم بالأصلاح ، بل يبدو أنه يدفع في أتجاه زيادة تلك المعاناة لمصلحة بعيدة عن مصلحة المجتمع الحضرمي وربما حتى الأقليم ، فهل كل من جرى أتهامهم بالتقصير والتسبب في هذه المعاناة في حقيقتهم سواء في الجرم ؟!.
لاشك أن كل الأطراف المشاركة في هذا الملف تتحمل مسؤولية ما يجري ، لكن هذه المسؤولية تتفاوت بين :
– من يرغب في الأصلاح ويقدم المساعدات ويتبنى مشاريع مدنية تخدم المجتمع ومصلحته تتقاطع مع مصلحة البلاد أمنيا وأجتماعيا وأقتصادياً ويرعى المبادرات بين الفرقاء ويتحمل تكلفة مشاركته على حساب رخاء شعبة وتنمية بلاده .
– وبين من يدفع لأفشال جهود الأصلاح ويستغل المواقف والأحداث لأبتزاز أطراف أخرى شريكة معه خدمة لمصالحه الخاصة وسياساته في المنطقة .
– وبين من يحاول التكسب من الأزمات وحرصه على تحقيق مكاسب أقتصادية وسياسية ويخدم مصالح أطراف دولية لاتعنيها مصلحة العباد والبلاد المنكوبة .
– وبين مستفيد من الأفراد والمجموعات المحلية وضعوا أنفسهم في موضع الأدوات آلتي تجنى أرباح خاصه من أستمرار الحرب لتكوين ثروات على حساب دماء وأمن البلاد .
والحليف السعودي تحديداً هو من يبذل الجهد للأصلاح وأمنه واستقراره من أمن هذه البلاد المنكوبة ، وهو في الواقع ضحية مثله مثل أبناء حضرموت وباقي محافظات البلاد ، وهو من يتعرض للأبتزاز من أطراف داخلية وخارجية ليتنازل عن مواقف تصب في مصلحة البلاد وتستفيد منها مجتمعاتها ، وهو هنا في عريضة الموقعين ليس حليفاً مسانداً لهم بل هو متهم بالتقصير مثله مثل من يهدم ولا يخدم إلا مصالحه الخاصة !!!.
، فمن يظن أن دولة التحالف هذه ( وأقصد السعودية) والأقليم يجني مصلحة من هذا البؤس والحرمان والمعاناة التي يكتوي بها المجتمع الحضرمي وباقي مجتمعات البلاد فهو أعمى بصيرة ، وأجزم أن من أقتنع بذلك إنما تم توظيفه ليقوم بهذا الدور من حيث لايدري فلا نشك في أخلاصهم لمجتمعهم لكنهم أرتهنوا لعواطفهم التي تلاعب بها الأعلام المغرض وحرٌف الحقائق ووجه الجمهور نحو ما يخدم أهدافه ، فصوت هؤلاء المتحمسين خدمة لجهات تبتزٌ بهم الطرف السعودي تحديداً لأخضاعه بقبول فرض مصالحها على حساب مصلحة البلاد ودول الأقليم !!!.
وهذه ممارسة معروفة للقوى الدولية المهيمنة بأمكان المراقب المتتبع لمسار الأحداث منذ اندلاع الحرب يراها بوضوح في تدخلات تلك الجهات السياسية الدولية التي لم يكن لها مساهمة في الملف اليمني إلا في حرفت مسار الحرب ووقف الحسم العسكري أو عرقلة خطوات جادة من دول التحالف والمخلصيون من أبناء البلاد والتي كانت نتائجها لو تمت كما كان يجب أن تكون تخدم مصلحة البلاد والعباد لتُحبط تلك المساعي والجهود ويفشل تحقيق نتيجتها المأمولة ، وحتى القرارات الدولية التي من المفترض عليهم أن يكونوا رعاة على تطبيقها ألتفوا عليها وأفرغوها من أهدافها !!!.
وعليه من ينتظر النصرة والعدالة والأنسانية ممن لايعتمد تلك الشعارات إلا في خدمة مصالحه لن يتحقق ظنه ، فهو كالمستجير بالنار من الرمضاء ، ولو كان لهذه الشعارات أحترامها عند أولئك لأنصفوا أهل غزة الذين يبادون على رؤوس الأشهاد وتنقل مٱسيهم بالصوت والصورة لكل من في المعمورة !!!.
والحليف السعودي المتهم بالتقصير إنما هو متحفظ من التورط في بعض المواقف التي تحاول تلك القوى الدولية جرٌه إليها ، وبالرغم من تحفظه قدم أكثر مما هو واجب عليه من دعم عسكري وسياسي وأقتصادي وأحترم أدارة حكومة البلاد ولم يتدخل في قراراتها إلا في مواقف محددة تخدم أمن وأستقرارها السياسي والأمني والأجتماعي ، ودعم أستقرار العملة وقدم الكثير من المساعدات والمشاريع التنموية والخدمية ….
فالتقصير الذي أنعكس على حياة الناس ليس من الحليف السعودي وإنما كان ورأه عاملان :
١ – سوء أدارة حكومة البلاد والفساد الذي سخرها لتخدم مصالح متنفذين على حساب المصلحة العامة !!!.
٢ – الأيادي الخبيثة التي تخدم مصالح محلية وأقليمية ودولية وتفشل كل عمل اجتماعي بتشجيع الفرقة بين مكونات المجتمع ، والأقتصادي بشن حرب الخدمات المفتعلة ، والأمني والعسكري بأفتعال المشاكل والأخلالات الأمنية وصرف قوى المجتمع للأحتراب بعيداً عن عدوهم المشترك وووو…..
كل تلك السلبيات والفشل يركز الأعلام المسيس لتحميل مسؤوليتها للحليف السعودي ظاهرياً وبالخفاء لأبتزازه ليتخلى عن مواقفه ضد مصالحهم الخاصة التي لاتخدم البلاد المنكوبة وهي تقف حجر عثرة في طريقهم ،،،
فالمبادرون في اتهامهم لم يستثنوا أحداً من الأطراف في أتهامهم ولم يرعوا مصلحة حضرموت في جوارها السعودي وما تحمله من أجلها ، ويعولون على من هو وراء مأساتها ، فكأنهم سعوا في عداوة الصديق وصادقوا العدو فهل هذا يخدم حضرموت ؟!!!
البلاد اليوم في مخاض عسير ، تتجاذبها مصالح محلية وأقليمية ودولية متضاربة ، وأي حراك شعبي نحو أي أتجاه يوظفه صاحب المصلحة المستفيد منه لمصلحته بغض النظر عن داعي هذا الحراك ومطالبهم المشروعة ومصلحة مجتمعات البلاد ، فعندما توجه أصحاب هذه المطالبة لتلك الجهات الدولية المهيمنة فكأنهم أنحازوا إلى مصالح أولئك ، وبالتأكيد وبالدليل القاطع وتجارب الحرب الماضية والتي لانزال نعاني منها أن تلك القوى لاتهمها مصلحة حضرموت ولا مصلحة اليمن ، فلو كان ذلك بحسبانهم لما أستمرت المعاناة والحرب حتى اليوم ، وهم المعنيون والمسؤولون عن أطالتها ، هم لايعنيهم إلا مصالحهم ، والأمثلة من دول العالم الثالث كثيرة ، كل تلك الدول المتأخرة والمختلة في اسقرارها السياسي والأمني هم من يجنون مصالحهم منها ويفقرون أهلها ولا يحلون مشاكل أهلها !!!.
كل محاولات الأصلاح التي قامت بها السعودية والتي تحملت وزرها كانت على حساب تنميتها وأقتصادها تم أفشالها بفعل فاعل ، لينظر لها العوام أنها هي من يقف خلف معاناتهم ، وهذا الموقف متوقع من عوام الناس الذين يؤثر فيهم الأعلام المسيس ، لكنه من المحسوبيين على نخب حضرموت يعتبر سقطة تقود حضرموت لمسار يشبه الطريق الذي قادها اليه مغامرون أوائل أدى لسقوط حضرموت للجبهة القومية عام 67 م الذي لازالت تبعاتها حتى اليوم !!!.
حضرموت اليوم في مفترق طرق ، ومعطيات الواقع السياسي لاتبشر بخير ولاتدعوا للتفائل ، ولو تشظت البلاد سياسياً فلن تكون حضرموت إلا تبعاً للمسيطر على الموقف ، فحضرموت لا تملك قوة تدافع عنها ولاوحدة صف تفرض به قرارها ، ولها تجارب سيئة مع جوارها الجنوبي والشمالي الذين هم السبب المباشر في نكباتها وتخلفها عن ركب تنمية جوارها الأقليمي ، وفي هذا المخاض تاتي هذه المباراة لتحرمها من حليف يعول عليه لتسقط بسهولة في أيدي لن ترحمها !!!.
لذلك لابد من الحرص على أتخاذ هذه الخطوات :
* تجديد العهد القديم مع الحليف السعودي ليكون ظهيراً وعوناً وسنداً وشريكاً وداعماً لأستقلال قرارها .
* العودة للقضية الحضرمية الأصلية بأشراك المحافظات المجاورة التي كانت تشكل حضرموت قبل ضمها للجنوب وتم تشطيرها لأضعافها وضياع هويتها ، وستكون هذه الأضافة تكامل لقوة حضرموت ، ومشروع الأقليم الشرقي الموحد يجسد هذا التوجه ويحقق الهدف.
* لابد من وحدة الصف الحضرمي ، ولن تتحقق إلا بالعودة لأكمال مجلس حضرموت الوطني ،فلن يستطيع أي مكون من مكونات المجتمع المدني والقبلي تحقيق هذه الوحدة في الصف الحضرمي ، وتجربة حضرموت القريبة في تكوين مجلس حضرموت الوطني لابد من الأستفادة وأخذ الدرس والعبرة منها ، ولابد أن يتحمل رجال حضرموت مسؤليتهم ويغلبوا المصلحة العامة ، فالأحتلاف كانت نتيجته :
# تعثر تدشين مجلس حضرموت الوطني الذي حضرموت في أمس الحاجة اليه لأمتلاك قرارها .
# خسارة دعم الحليف السعودي ، وهذا واضح بالفتور في أنطلاقة المجلس ، فكيف يتبنى الجانب السعودي قضية حضرموت التي يختلف أهلها عليها ؟!.
وقد لاحظنا الدعم السياسي والدبلماسي والأعلامي وحتى الأقتصادي في بداية أنطلاقة المجلس ، والذي تراجع بعد ظهور الأختلاف بين ممثلين المجتمع الحضرمي !!!.
أن هذا العدد الكبير من الموقعين على تلك المبادرة من نخب حضرموت تدل على أنه لايزال في حضرموت رجال على أستعداد للتضحية من أجل قضيتها وحقوقها ، لكن
هذه المبادرة يجب تصحيح مسارها وتوجيهها لمسارات تحقق نتائج تخدم المجتمع الحضرمي بطريقة عملية وبنتائج سريعة يشعر بعدها الناس بالفرق ، ثم تتدرج المطالب ويرتفع الطموح لمستويات لايمكن أن تصل اليه إلا بوحدة الصف التي لن تأتي إلا برضا المجتمع عن النتائج المتحققة .
من المهم أن لا تخسر حضرموت أصدقاءها ، فهم من يعرف قضيتها وهم من يقدم كل أنواع الدعم الذي نحتاجه .
لو تم توجيه هذا الحراك تحت مظلة المجلس الوطني الحضرمي لحقق نتيجة في أنتزاع حقوقها من الحكومة وفي طريقة أدارة حضرموت وفي توفير الدعم الأقليمي والدولي بدل أن يتم التعامل معه دولياً كما يتم مع ملفات كثيرة لمشاكل لاتعد ولا تحصى لم يتم طوال سنوات غلق ملف واحد منها ، بل ربما أستغلته اطراف دولية لأبتزاز من هو صادق مع حضرموت ويريد تخليصها من معاناتها !!!.
وعلى الجميع أدراك أن حضرموت بحاجة لبلاد الحرمين ظهير تستند اليه ، فالأمور لاتبشر بخير والقوى الدولية تدفع لفرض الحوثي ، ولاطاقة لأبناء حضرموت في مطامع الشماليين ولا الجنوبيين ، ولا مجال للنأي بالنفس والحياد ، فستصبح حضرموت أما حوثية أو مع من يوالي الصهيونية .
( سالم باوزير )