صحيفة صوت حضرموت صوت حضرموت الغائب والمغيب عنك
حضرموت نموذج للإنسانية والعدالة..في تعاملها مع ملف النازحين
شهدت حضرموت تدفق أعدادا كبيرة من النازحين الذين دفعتهم ويلات الحرب والصراعات إلى البحث عن ملاذ آمن. فقدمت حضرموت نموذج للإنسانية والعدالة في تعاملها مع اللاجئين والنازحين، ومع ذلك تصاعدت في الآونة الأخيرة أصوات تدعو إلى منع هؤلاء النازحين من دخول حضرموت ، مستندة إلى حجج وذرائع تنم عن تعصب اجتماعي وافتقار للتضامن الإسلامي والإنساني.
إن الدعوات المناهضة للنازحين والمهمشين في حضرموت لا تضر فقط بالفئة المستهدفة بل تضر بسمعة حضرموت التي عرفت عبر تاريخها بأنها مكان احتضن الجميع دون تمييز، وقد تتسبب هذه الدعوات في تشوية صورة حضرموت كمجتمع مضياف ومتسامح.
ومثل هذه المواقف التحريضية تعمل على زرع بذور الكراهية والتفرقة مما يهدد الاستقرار والانسجام الذي طالما ميّز حضرموت .
وتتنافى هذه الدعوات التحريضية مع القيم الإنسانية والإسلامية التي تحث على الرحمة، التكافل، وحماية المستضعفين، وأهل حضرموت يشهد لهم التاريخ أنهم سبب انتشار الاسلام في كثير من دول العالم بأخلاقهم وتعاملهم
فكيف في بلادهم ؟! لذا يجب على المجتمع المحلي والقيادات في حضرموت رفض هذه الأصوات الداعية للعنصرية والعمل على تعزيز التسامح وقبول الآخر.
دعونا نجسد قيم الإسلام في الرحمة والتكافل الاجتماعي ونحافظ على حضرموت كأرض للتسامح والأمل، لا مكانًا للتفرقة والكراهية، ومطالبنا بحقوق حضرموت المسلوبة لا يجعلنا نشجع ونؤيد مزيدا من الخطاب التحريضي والعنصري.
ومن باب التذكير نوضح فضل مثل هذه الأمور وبركتها على المجتمع حيث هناك العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على الرحمة، التكافل، وإيواء المحتاجين، والتي يمكن أن تكون مناسب ذكرها بدلاً من التحريض. إليكم بعضًا منها:
قال النبي ﷺ:
“من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”
(رواه البخاري ومسلم).
يشير الحديث إلى أهمية مساعدة الآخرين ودعمهم في أوقات الشدة، وهو ما ينطبق على النازحين والمهمشين.
قال النبي ﷺ:
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”
(رواه البخاري ومسلم).
هذا الحديث يبرز واجب المسلم في إكرام الضيف واللاجئ والمحتاج الذين يلجؤون إليه.
قال النبي ﷺ:
“ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”
(رواه الترمذي).
الرحمة بالضعفاء والمحتاجين واجب ديني وأخلاقي.
قال النبي ﷺ:
“إن لله أقوامًا اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يُقرُّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها منهم فحوَّلها إلى غيرهم”
(رواه الطبراني).
هذا الحديث يشجع على الإحسان إلى الناس وتقديم النعم لمن هم في حاجة إليها.
جميع هذه الأحاديث النبوية تجسد قيم الإسلام ، وهي رسالة واضحة بأن التحريض ضد النازحين والمهمشين يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف.
كما ان التعامل الإيجابي مع ملف النازحين والمهمشين يمكن أن يعزز الصورة الدولية لحضرموت كإقليم أو منطقة، ويضعها في مكانة رائدة في العمل الإنساني والتنموي على الصعيدين المحلي والدولي. هذا النوع من التعامل يُظهر حضرموت كمنطقة متحضرة قادرة على تحمّل مسؤولياتها الإنسانية والاجتماعية، مما يمكن أن يفتح آفاقاً متعددة لتعزيز علاقاتها الدولية وجذب الاستثمارات والمساعدات التنموية.
مما يرفع مكانتها الإقليمية والدولية.
فعندما تتعامل حضرموت بإيجابية مع هذا الملف، ستصبح مؤهلة لجذب المزيد من الدعم من المنظمات الدولية والدول المانحة التي تركز على مناطق تُظهر التزاماً بحل القضايا الإنسانية.
فالدعم الدولي لا يقتصر على المساعدات الإنسانية، بل قد يمتد إلى استثمارات في التعليم، الصحة، والبنية التحتية.
والنجاح في إدارة هذا الملف يمكن أن يفتح قنوات تواصل أوسع مع دول ومنظمات تعنى بحقوق الإنسان والتنمية.
والتعامل الناجح يعزز من ثقة الحكومة اليمنية والدول المجاورة بحضرموت كإقليم مسؤول يمكن الاعتماد عليه في حل القضايا الوطنية.
وكذلك نستفيد منه في الترويج لهوية حضرموت الحضارية.
حضرموت لها تاريخ طويل من القيم الإنسانية والانفتاح، ويمكن أن يعكس التعامل الإيجابي مع النازحين استمراراً لهذه القيم.
وتعزز من سمعة حضرموت الثقافية والحضارية.
لذلك التعامل الإيجابي مع ملف النازحين والمهمشين يمثل فرصة ذهبية لحضرموت لتعزيز مكانتها الدولية والإقليمية. ويعكس روح التضامن والإنسانية، ويُظهر حضرموت كإقليم قادر على التفاعل مع تحديات العصر بحكمة وفعالية، مما يعزز صورتها كمنطقة استقرار وتنمية في وسط الأزمات التي تعصف باليمن.
ماجد الكثيري
