الجمعة , مايو 17 2024

سلسلة تدبّر القرآن

يقول الله تعالى:

﴿۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ ۝١٠٦ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ ۝١٠٧ أَمۡ تُرِیدُونَ أَن تَسۡـَٔلُوا۟ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُىِٕلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن یَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِیمَـٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ ۝١٠٨ وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ۝١٠٩ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ ۝١١٠ وَقَالُوا۟ لَن یَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَـٰرَىٰۗ تِلۡكَ أَمَانِیُّهُمۡۗ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ۝١١١ بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَلَهُۥۤ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ۝١١٢﴾
[البقرة: ١٠٦-١١٢]

يبين الله تعالى أنه حين يرفع حكم آية من القرآن أو يرفع لفظها فينساها الناس فإنه سبحانه يأتي بما هو أنفع منها في العاجل والآجل، أو بما هو مماثل لها، وذلك بعلم الله وحكمته، وأنت تعلم – أيها النبي – أن الله على كل شيء قدير، فيفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
قد علمت – أيها النبي – أن الله هو مالك السماوات والأرض، يحكم ما يريد، فيأمر عباده، وينهاهم بما يشاء، ويُقرِّر من الشرع ما شاء، وينسخ ما شاء، وما لكم بعد الله من ولي يتولى أموركم، ولا نصير يدفع عنكم الضر، بل الله هو ولي ذلك كله والقادر عليه.
ليس من شأنكم – أيها المؤمنون – أن تسألوا رسولكم – سؤال اعتراض وتعَنُّت – كما سأل قوم موسى نبيهم من قبل، كقولهم: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: 153] ، ومن يستبدل الكفر بالإيمان فقد ضل عن الطريق الوسط الذي هو الصراط المستقيم.
تمنى كثير من أهل الكتاب أن يردُّوكم من بعد إيمانكم كفارًا كما كنتم تعبدون الأوثان، بسبب الحسد الذي في أنفسهم، يتمنون ذلك بعد ما تبين لهم أن الذي جاء به النبي حق من الله، فاعفوا – أيها المؤمنون – عن أفعالهم، وتجاوزوا عن جهلهم وسوء ما في نفوسهم، حتى يأتي حكم الله فيهم ، وقد أتى أمر الله هذا وحكمه، فكان إما الإسلام وإما دفع الجزية وإما القتال، إن الله على كل شيء قدير، فلا يعجزونه.
ثم بعد أمر الله تعالى المؤمنين بالصبر على الأذى أمرهم بالثبات على دينهم، وتقويه إيمانهم فقال:
أدّوا الصلاة تامة بأركانها وواجباتها وسننها، وأخرجوا زكاة أموالكم إلى مستحقيها، ومهما تعملوا من عمل صالح في حياتكم، فتقدموه قبل مماتكم ذخرًا لأنفسكم؛ تجدون ثوابه عند ربكم يوم القيامة، فيجازيكم به، إن الله بما تعملون بصير فيجازي كلاً بعمله.
وقالت كل طائفة من اليهود والنصارى: إن الجنة خاصة بطائفته، فقال اليهود: لن يدخلها إلا من كان يهوديًا، وقال النصارى: لن يدخلها إلا من كان نصرانيًا، تلك أمنياتهم الباطلة وأوهامهم الفاسدة، قل – أيها النبي – رادًّا عليهم: هاتوا حجتكم على ما تزعمون إن كنتم صادقين حقًا في دعواكم.
إنما يدخل الجنة كل من أخلص لله متوجهًا إليه ، وهو – مع إخلاصه – محسنٌ في عبادته باتباع ما جاء به الرسول، فذاك الذي يدخل الجنة من أي طائفة كان، وله ثوابه عند ربه، ولا خوف عليهم فيما يستقبلون من الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا. وهي أوصاف لا تتحقق بعد مجيء النبي محمد ﷺ إلاّ في المسلمين.

فوائد الآيات:
1 – أن الأمر كله لله، فيبدل ما يشاء من أحكامه وشرائعه، ويبقي ما يشاء منها، وكل ذلك بعلمه وحكمته.
2 – حَسَدُ كثيرٍ من أهل الكتاب هذه الأمة، لما خصَّها الله من الإيمان واتباع الرسول، حتى تمنوا رجوعها إلى الكفر كما كانت.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

في رحاب آية

قال الله تعالى: ﴿ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *