يقول الله تعالى:
﴿وَقالوا كونوا هودًا أَو نَصارى تَهتَدوا قُل بَل مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَقولوا آمَنّا بِاللَّهِ وَما أُنزِلَ إِلَينا وَما أُنزِلَ إِلى إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ وَالأَسباطِ وَما أوتِيَ موسى وَعيسى وَما أوتِيَ النَّبِيّونَ مِن رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَفَإِن آمَنوا بِمِثلِ ما آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهتَدَوا وَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّما هُم في شِقاقٍ فَسَيَكفيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُصِبغَةَ اللَّهِ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبغَةً وَنَحنُ لَهُ عابِدونَقُل أَتُحاجّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُم وَلَنا أَعمالُنا وَلَكُم أَعمالُكُم وَنَحنُ لَهُ مُخلِصونَأَم تَقولونَ إِنَّ إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ وَإِسحاقَ وَيَعقوبَ وَالأَسباطَ كانوا هودًا أَو نَصارى قُل أَأَنتُم أَعلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَن أَظلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَتِلكَ أُمَّةٌ قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت وَلَكُم ما كَسَبتُم وَلا تُسأَلونَ عَمّا كانوا يَعمَلونَ﴾
[البقرة: ١٣٥-١٤١]
وقال اليهود لهذه الأمة: كونوا يهودًا تسلكوا سبيل الهداية، وقال النصارى: كونوا نصارى تسلكوا سبيل الهداية. قل – أيها النبي – مجيبًا إياهم: بل نتبع دين إبراهيم، المائل عن الأديان الباطلة إلى الدين الحق، ولم يكن ممن أشركوا مع الله أحدًا.
قولوا – أيها المؤمنون – لأصحاب هذه الدعوى الباطلة من يهود ونصارى: آمنا بالله وبالقرآن الذي أنزل إلينا، وآمنا بما أنزل على إبراهيم وأبنائه إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وآمنا بما أنزل على الأنبياء من ولد يعقوب ، وآمنا بالتوراة التي آتاها الله موسى، والإنجيل الذي آتاه الله عيسى، وآمنا بالكتب التي آتاها الله الأنبياء جميعًا، لا نفرق بين أحد منهم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض، بل نؤمن بهم جميعًا، ونحن له سبحانه وحده منقادون خاضعون .
فإن آمن اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار إيمانًا مثل إيمانكم؛ فقد اهتدوا إلى الطريق المستقيم الذي ارتضاه الله، وإن أعرضوا عن الإيمان بأن كذبوا بالأنبياء كلهم أو ببعضهم فإنما هم في اختِلاف وعِداء ، فلا تحزن أيها النبي فإن الله سيكفيك أذاهم ، ويمنعك من شرهم، وينصرك عليهم، فهو السميع لأقوالهم، والعليم بنياتهم وأفعالهم.
الزموا دين الله الذي فطركم عليه ظاهرًا وباطنًا، فلا أحسن دينًا من دين الله، فهو موافق للفطرة، جالب للمصالح، مانع للمفاسد، وقولوا: نحن عابدون لله وحده لا نشرك معه غيره.
قل – أيها النبي ـ: أتجادلوننا – يا أهل الكتاب – في أنكم أولى بالله ودينه منّا؛ لأن دينكم أقدم وكتابكم أسبق، فإن ذلك لا ينفعكم، فالله هو ربنا جميعًا لا تختصون به، ولنا أعمالنا التي لا تُسألون عنها، ولكم أعمالكم التي لا نُسأل عنها، وكلٌّ سيُجْزَى بعمله، ونحن مخلصون لله في العبادة والطاعة لا نشرك به شيئًا.
أم تقولون – يا أهل الكتاب ـ: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأنبياء من ولد يعقوب ، كانوا على ملة اليهودية أو النصرانية؟ قل – أيها النبي – مجيبًا إياهم: أأنتم أعلم أم الله؟! فإن زعموا أنهم كانوا على ملتهم فقد كذبوا؛ لأن مبعثهم وموتهم كان قبل نزول التوراة والإنجيل! وعُلم بذلك أن ما يقولونه كذب على الله ورسله، وأنهم كتموا الحق الذي نزل عليهم، ولا أحد أظلم من الذي كتم شهادة ثابتةً عنده عَلِمَها من الله، كفعل أهل الكتاب، وليس الله بغافل عن أعمالكم، وسيجازيكم عليها.
تلك أمة قد مضت من قبلكم ، وأفضت إلى ما قدمت من عمل، فلها ما كسبت من الأعمال، ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عن أعمالهم، ولا يسألون عن أعمالكم، فلا يؤخذ أحد بذنب أحد، ولا ينتفع بعمل غيره، بل كلٌّ سيجازى على ما قدم.
فوائد الآيات:
1 – أن دعوى أهل الكتاب أنهم على الحق لا تنفعهم وهم يكفرون بما أنزل الله على نبيه محمد ﷺ.
2 – يجب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله وبالأنبياء الذين بعثهم سبحانه للناس.
3 – أن الله تعالى قد رَكَزَ في فطر خلقه جميعًا الإقرارَ بربوبيته وألوهيته، وإنما يضلهم عنها الشيطان وأعوانه.
━━━━━━━━━━━━━━━━━━━
الحمد لله أولا وآخرا، أتتمنا تدبّر الجزء الأول من القرآن الذي نسأل الله أن ينفع به ويجعلنا من الذين وصفهم نبيه صلى الله عليه وسلم ( خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه) ، وجزى الله خيرا كل من دعمنا وساهم في إخراج هذه الفقرة وتنزيلها يوميا في الموقع وجعلها في ميزان حسناته، بارك الله في الجميع