المجتمعات الحيّة تفرز قياداتها

 

 

 

 

 

المجتمعات الحيّة تفرز قياداتها

 

▪️مقال للدكتور/ متعب بازياد

 

إن حيوية المجتمع تكمن في تفاعله مع محيطه ومصالحته مع ذاته، والوعي ركن أساسي في عملية النهضة.. أساسه تطوير نظم التعليم ووسائل اكتساب المعرفة.

وحضرموت قطعت شوطا كبيرا في هذا المضمار، هناك
آلاف الخرّيجين من حملة الشهادات العليا في شتى التخصصات..
وعشرات آلالاف من خريجي الجامعات..
وأضعافهم من المعاهد والثانويات ينتظرون دورهم.
هذه المخرجات لابد أن تصنع مجتمعا أكثر حيوية وديناميكية..
واستجابة وتعاطي مع متطلبات العصر.

يبقى السؤال كيف سيجد هذا التيار طريقه لمركز صنع القرار..أو تشكيل الرأي.
لابد من ديناميكية معينة يتم التوافق عليها، تجعل من هذا الكم من الطاقات في الخدمة وليس في الهامش أو خارج التأثير.

هل هذه الديناميكية ستكون في سياق من التنافسية، أو ترتيبات توافقية أخرى تفرز سلطة (قيادة) محل رضاء اجتماعي وسجلّ من الإنجاز التنموي وأُفق سياسي يُعبّر عن تطلعات المجموع.. ليجد الكل نفسه في قلب هذه البوتقة..لا خارجها.

إن أي ظلم اجتماعي أو استبداد سياسي أو استبعاد من أي نوع، سينتج تجنحات تعيق أي تقدم.

من متابعة الحوارات في الفضاء الإلكتروني حول حضرموت والحضارم، نلاحظ أنه لايزال المسيطر على عقليات النخبة وتفكيرها.. اجترار صراعات سياسية منتزعة من سياقها التاريخي انتزاعا، وإبراز فروقات اجتماعية وتحيزات مناطقية وعصبوية، هي عثرات محفزات لدورات صراع جديدة ومتجددة، في قالب شاذ من القيم التي تقدم الأقرب على الأصلح، والثقة على الكفاءة، والخاص على العام.

والسؤال الأهم كم هو تأثير حَملة الدكتوراة في البلد من أرقى الجامعات العالمية، وكم تأثير أنصاف الأميين.

ماذا لو انتظم الخريجون في منتدى وتقدموا برؤية.
هل سيضمنون انحياز أهلهم ومجتمعهم لطرحهم ورؤيتهم، أم أنهم سينقسمون على أساس مناطقي أو جهوي وفئوي أو….

أكثر القوالب التي يمكن أن تحمل مشروع النهضة(من وجهة نظري) هي القوالب السياسية، أحزاب مدنية ببرامج واضحة في الاقتصاد والتجارة والأمن والبناء و…و..
وهذه تجارب الغرب والشرق من حولنا..
أما بقية القوالب مادون الوطنية.. فإن وطنها هو الأسرة أو الفئة أو الطائفة أو المنطقة.

كلما اتسع الأفق وارتفع السقف..كان أكثر استيعابا لكل الرؤى وأقل ضيقا بالآخر المخالف.

إن أوروبا وامريكا، مجتمعات ضيقة الجغرافيا شحيحة الموارد كثيفة السكان.. ومع ذلك استوعبت ملايين الفارّين من بلداننا ذات الندرة السكانية والبعد الجغرافي القاري الغني بالموارد.

ولا تزال هذه الجهات الكثيفة الضيقة الشحيحة مراكز جذب.. وأوطاننا الواسعة والغنية بالموارد مناطق طرد.

الإنسان هو أساس النهضة وليس غيره.
وقديما قال الحضرمي
(رأس يفكر خير من مال يثمر)

 

بقلم/ الدكتور متعب بازياد