الجمعة , مايو 17 2024

التجربة الصومالية

 

التجربة الصومالية

 

▪️مقال للكاتب/ حسين باراس

عام1991م بدأت الحرب الأهلية الصومالية ، وتمزقت البلاد ، وغابت سيادة الدولة بشكل كامل ، وأصبح الشعب الصومالي وجها لوجه مع أمراء الحرب.

لم يعد أمام الشعب الصومالي أي خيارات ، وقف العالم يتفرج على مأساة شعب يموت جوعا ، وآخرون يرمون أعواد الثقاب والحطب ، لكي تزداد النار اشتعالا ، وقف العالم يتفرج على الشعب الصومالي وهو ينتحب ..

لقد أدرك الصوماليون أن الخارج لن يقدم أي حلول ، الكثير من المناطق وصلت الى قناعة أنه ليس في إمكانها إصلاح كل الصومال ، لكنها تستطيع إصلاح أقاليمها ، الشعب أيضا يريد خدمات ، لذلك عليه أن يعتمد على نفسه .

بدأت الكثير من الأقاليم تدرك أنها في حاجة لبناء المؤسسات لم تنتظر لمقديشو لكي تأتي بالحل ، كل إقليم شرع في بناء مؤسساته ، بالتأكيد قد لايكون الحل الأمثل ، لكنه حل يعطي للشعب بعض الأمل ..

كان لديهم مشكلة في الكهرباء ، المؤسسات الأقليمية عملت على إيجاد حلول ، وتم بناء منظومة معتمدة على سواعد أبناء الوطن ، اتخذوا قرار شجاع ، وفتحوا باب الاستثمار في تقنية المعلومات ، والاتصالات ، وبنوا منظومة اتصالات ، تفوق مثيلاتها في دول تتمتع بالاستقرار ، أصبح لديهم أسرع انترنت في القرن الأفريقي ، تحول بعض رجال الصومال إلى قراصنة لكي يحموا سواحلهم من العبث ، وهو الحل الوحيد أمام عالم بربري ، يسيل لعابه طمعا عندما يرى فيك ضعف .

كل هذه المؤسسات تم بناءها إعتمادا على سواعد أبناء الصومال لم يحتاجوا إلى دول تدفع الرواتب لأنهم يعرفون أن العالم ليس جمعية خيرية ..

في الأقاليم الشمالية ، وبكل شجاعة تم تنظيم انتخابات وتأسيس مجلس نيابي يعبر عن إرادة الشعب ..

لم يكن ما حدث الحل الأمثل لكنه الحل الممكن ، الشعب لن يعيش على الشعارات ، والجيران طامعون لايرون في الوطن إلا مساحة للتعبير عن عقد النقص ، توجه رجال الصومال إلى وطنهم وقدموا الخدمات ..

لم يذهبوا إلى دول الجوار ، ولبسوا العقالات ورفعوا الشعارات من فنادق اديس ابابا ودار السلام ..

حتى من أراد الانفصال ، ذهب إلى منطقته ، وقدم خدمات و بناء دولة على الارض ، ورفع العلم على التراب ، لم يتوجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي ، لبناء دولة افتراضية ، يستعرض فيها آخر ماركة من الأشمغة ، أو يتفاخر بركوبه لطيارة ، ويرسل لنا صور سلفي يتقمص فيها دور الرئيس أو القائد .

نحن نقرأ التاريخ ، ونذكر التجارب ، ليس من باب المتعة ولكن لأخذ العبرة وتعلم الدروس .
من أراد بناء دولة عليه أن يتوجه إلى أرضه ، ويقف عليها .

الحل لن يأتي من الخارج ، الشعب يريد خدمات ، وليس شعارات ، نستطيع العيش بدون مقعد في الأمم المتحدة ، لانريد أحد ينفض الغبار عن المقعد ، نريد فقط ننفض الغبار عن مطاراتنا ، وموانئنا، نريد أن نكون أسيادا على أرضنا .

وطني ! يا أيها النسرُ الذي يغمد منقار اللهبْ في عيوني أين تاريخ العرب؟!!

تاريخنا الذي يجب نستند عليه في وطننا ، تصرفوا على الأرض كدولة ، ولاتتقمصوا دور الدولة إعلاميا .

في الجنوب وحضرموت واليمن عامة ، عجزوا عن توفير الكهرباء ، عن إنارة شارع ، لكنهم يوعدوننا بدولة ، وهناك من ينتظر !!!
ويعتقد أنهم سيأتون بها !!..

سيصل شعبنا يوما ما إلى ما وصل إليه الأشقاء ، في الصومال الحبيب ، إن الحل لن يأتي من أديس أبابا ، أو عبر سفينة ترسو على سواحلنا ، سيكون الدرس قاسي ..

أيها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سببْ ، أيها الموت الخرافيُّ الذي كان يحب ، لم يزل منقارك الأحمر في عينيَّ سيفاً من لهب .. وأنا لست جديراً بجناحك كل ما أملكه في حضرة الموت: جبين … وغضب .

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *