صحيفة صوت حضرموت صوت حضرموت الغائب والمغيب عنك
الفقيد عوض بن منيف ضد الكورونا
▪مقال للأستاذ/ سلطان التميمي
الحديث عن شخصية بحجم الشيخ عوض بن سالم بن منيف الجابري – رحمه الله – تحتاج إلى كتب ومجلدات، والشيخ عوض في سيرته قد كسر الصورة النمطية للشيخ القبلي التقليدي في أذهان الناس، فالحكم والمقدّم والمرجع القبلي كان من أبرز الداعمين للشباب في مجال التعليم والإبداع مذللا للكثير منهم الصعاب من أجل خدمة مجتمعهم ووطنهم كما كان يوصيهم.
أما ما جعلني أكتب هذا المقال فهو جانب مهم من حياة هذه الشخصية العظيمة في مواجهة وباء فايروس كورونا كوفيد ١٩ في وادي وصحراء حضرموت.
فمنذ الوهلة الأولى لانتشار هذا الوباء عالميا والتخوف من وصوله لمحافظة حضرموت، كان الشيخ عوض على قدر كبير من الوعي والمسئولية تجاه مجتمعه، فقد بادر رحمه الله بدعم الحملات الشبابية التطوعية لمواجهة هذا الوباء وأبرز تلك الحملات حملة #حضرموت_ضد الكورونا، ولم يكتفي الشيخ عوض بالدعم المادي بل والمعنوي بحضوره شخصيا لأكثر من فعالية تدشين حملات الرش والتعقيم في المساجد والأسواق.
أحد المرات اتصل بي رحمه الله وطلب مني الحضور لتدشين حملات الرش الرذاذي لتعقيم أسواق سيئون التي تنظمه حملة (حضرموت ضد الكورونا) بالتعاون مع مصلحة الدفاع المدني استعدادا لدخول شهر رمضان المبارك، وكان الوقت متأخرا والشيخ عادة يأتي من ساه إلى سيئون وهي مسافة بعيدة، فقلت له يا بوغازي دعني أحضر بديلك ويكفيك ماقدمته للحملة وسيتفهم الشباب أسباب عدم حضورك، فقال لي لا يا ولدي، أريد أنا يكون حضوري حافزا للشباب ليجتهدوا في خدمة مجتمعهم وخدمة حضرموت، وحضر الشيخ فعلا بصحبة صديقه المقرب المقدّم عمر باشقار بارشيد.
في آخر حياته أصابت الشيخ حمى شديدة ولا أظن ما أصابه إلا هذا الوباء وتلك أقدار الله، اتصلت بالشيخ لأطمئن عليه فقاطعني وقال يا ولدي الشباب في (ساه) محتاجين لمرشات البعوض وأدوات التعقيم، قلت له يا شيخ صحتك أهم ولا تشغل نفسك بما يرهقك، فقال لي بل ساه أهم مني يا ولدي، وكان هذا آخر عهدي به يرحمه الله.
مات الشيخ عوض وهو يحمل هم أمته وهم وطنه وهم حضرموت ساحلا وواديا وهم مجتمعه، فأسأل الله العلي العظيم أن يجزيه عنا خير الجزاء وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يسكنه فسيح جناته .. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
