الإثنين , مايو 20 2024

الليالي المباركات…

 

الليالي المباركات…

 

▪️سلسلة أياما معدودات (٧)

تذكَّروا الآن أنَّكم في العشر الأخير من شهر الصيام والقيام، وكم وعَد الله الصائمين المحتسِبين الحافظين لحدود الله من مغفرة عظيم الآثام، وأنواع الإكرام في الجنَّة دار الرضوان والسلام، فاختِموا شهركم بخير الأعمال وجليل الخصال؛ طاعةً وشكرًا لذي الكرم والجلال.

أكثِرُوا تِلاوَة القُرآن؛ فإنَّه يَهدِي للتي هي أقوَم، وصِلُوا الإحسان بالإحسان فإنَّ ربَّكم بالمحسنين أرحم، وأكثِروا ذكر الله، فإنَّ الله قد وعَد الذاكرين والذاكرات مغفرةً وأجرًا عظيمًا، وادْعوا الله مُخلِصين له الدِّين، لأنفُسكم وإخوانكم من عِباده الصالحين الأحياء والميِّتين؛ فإنَّ ربكم – تبارك وتعالى – قريبٌ من دَاعِيه، ويرضى عنه إذ يُناجِيه، فكم من معجل الخيرات ومُؤجلها يدَّخر له ويعطيه، فآمِنوا بربكم واستَجِيبوا له لعلَّكم ترشدون، وأطِيعُوه وأخلِصُوا له لعلَّكم تُفلِحون، وتذكَّروا بتصرُّم شهركم فَناءَ الأعمار، وبسُرعة انقِضاء لحظاتكم سُرعةَ الوقوف بين يدي الواحد القهَّار، فقدِّموا لأنفسكم خيرًا تجدوه، وتنافَسُوا في الصالحات تحمدوه، وتُوبُوا إلى الله من أوزاركم، فإنها حملٌ ثقيل، وإنَّ أمامكم عقبةً كؤودًا لا يُجاوِزها إلاَّ المخفون، وإنَّ الجنة لا يدخلها إلا المؤمنون، وإنَّ منزل أحدكم من الجنة بحسب عمله الصالح الموافق للكتاب والسنَّة، فأكثِرُوا من الصلاة وتنافَسُوا في جزيل الصدقات، تفوزوا برفيع الدرجات.

ففي الصحيح عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إنَّك لن تعمَل عمَلاً تبتَغِي به وجْه الله، إلاَّ ازدَدتَ به درجةً ورفعةً)).

وفيه أيضًا عنه – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إنَّك لن تَسجُد لله سَجدةً، إلاَّ رفَعَك الله بها درجةً، وحَطَّ عنك بها خطيئة)).

وثبت عنه – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((إنَّك لن تُنفِق نفقةً تبتَغِي بها وجْه الله إلاَّ أُجرت عليها، حتى ما تجعَل في فِي امرأتك)).

أيها المؤمنون:
اختموا شهرَكم بالتنافُس بجليل المشروع من الطاعات، تفوزوا بعَظِيم ما ادَّخَر الله لكم من المثوبة في هذه الليالي المباركات المعدودات المعلومات؛ فإنَّ الله – تعالى – قد ادَّخر لكم منها أجورًا كثيرة، وخيرات وفيرة، على أعمال صالحة يسيرة، فقيام ليلة القدر إيمانًا واحتِسابًا خيرٌ من عبادةٍ في ألف شهر خالية منها، فمُحيِي هذه الليالي يفوز بالغَنائم، وتُغفر له العَظائم، ويُعتَق من النار، ويُحشَر في زُمرَة الأخيار؛ ولذا كان نبيُّكم – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذا دخَل العشر الأواخر شدَّ المئزر، وأيقَظَ أهلَه، وأحيا ليله، فيجتَهِد فيها ما لا يجتَهِد في غيرها؛ لعِلمِه بجليل ما ادَّخَر الله لهذه الأمَّة فيها.

وقد اقتضت حكمة الله – تعالى – إخفاء ليلة القدر في آخِر هذا الشَّهر؛ فإنها قَطْعًا في تلك الليالي لكنَّها غير مُعيَّنة لنا بحال؛ ليتميَّز المؤمنون المُسارِعون في الخيرات، المتنافسون في أسباب الفَوْز بالمغفرة والجنات، وما أعدَّ الله – تعالى – فيها للقائمين من جليل الهِبات وجَزِيل الأعطيات، ممَّن يتَّبِعون الشَّهوات ويستَثقِلون الطاعات، ويَزداد مَلُّهم من الشهر كلَّما توالت اللحظات ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]، ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3].

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

قطرات من فيض رمضان ( 2 )

    قطرات من فيض رمضان ( 2 ) ✍🏻 أحمد باحمادي.. أحبتي القرّاء الأكارم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *