الأحد , مايو 19 2024

في ذكرى رحيل الغرابي

 

في ذكرى رحيل الغرابي

 

مقال للأستاذ/ محمد محفوظ بن سميدع

قبل أيام قلائل حلت علينا الذكرى السابعة والثلاثين لوفاة المناضل علي سالم الغرابي الرجل الصلب والمناضل الجسور والمثقف الوطني ابن قرية حلفون بالريدة الشرقية الذي مات والده وهو طفل وعاش يتيم وعانى الكثير في حياته .

لكن إصراره في طلب العلم وذكائه المفرط أهّله أن يكون من الطلاب المبرزين ويتم تأهيله للدراسات العليا في السودان ايام الدولة القعيطية الحضرمية ليعود منها للتأهيل في كلية عدن وكان مرشح للدراسات العليا في بريطانيا لكن تفجُر الاضطرابات في عدن والمظاهرات والتي كان له دور كبير فيها تم فصله وعاد إلى حضرموت ليعمل في أحد الدوائر الحكومية في الدولة القعيطية الحضرمية بالمكلا .

استقر بالمكلا وأسهم في تأسيس الاتحاد الوطني للقوى الشعبية عام 1966م مع بعض زملائه: أحمد هيثم وسالم عوض باوزير وكان لهم الدور البارز في قيادة الاتحاد وتأسيس عدد من النقابات العمالية.

وقد وصفه الأستاد سالم عوض باوزير بالقائد الشجاع المقدام صاحب الأخلاق الرفيعة وأسهم بكتاباته القوية المناهضة للظلم والاستعمار في العديد من الصحف آنذاك .

بعد ما يسمى بالاستقلال وسيطرة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن الدموية على الوضع وبدأ مرحلة التصفيات والإرهاب السلطوي الذي مارسته الجبهة القومية آنذاك، انسحب الفقيد من الساحة ورجع إلى أهله وذويه في جبال المشقاص واستقر في حلفون ليتم تنصيبه مقدما وشيخ لقبيلة بيت غراب بعيدا عن التناحرات السياسية الهوجاء التي انتهجها الرفاق ولعب دوراً كبير في جمع الصف ولم الجميع وكان حكيماً شجاعاً .

غير أن السلطات الحاكمة في الشحر والمكلا لم يهدأ لها بال إلا بالخلاص من علي سالم الغرابي برغم أنه لم يبدر منه شيء يزعج السلطة لكن الأحقاد والضغائن لعبت دورها، حاولوا المرة تلو الأخرى الإيقاع به لكن ربنا سلّمه في كل مرة.

ومع حلول العام 1972م ووصول العناصر الماركسية المتطرفة لسدة الحكم في حضرموت بعد تعيين الرفيق علي سالم البيض محافظ لحضرموت اكتمل النصاب لإنهاء كل العناصر التي يسمونها بالعناصر المضادة للثورة وكان أغلب عناصر السلطة حينها للأسف من تلك المناطق نواحي المشقاص، الذين عملوا بجد من أجل التخلص من الغرابي والعديد من الشخصيات البارزة في تلك المناطق وعلى مستوى حضرموت وكان العام 1972م عام أسود في تاريخ حضرموت ملطخ بالدماء ففي هذا العام تم سحل العلماء والمشايخ وعم الاختطاف والاغتيالات في كل أنحاء حضرموت ففي مدينة الشحر تم تصفية اللاعب والمعلم هادي بو زيدان والوزير بازرقان والتاجر الديباني وغيرهم أما الفقيد الغرابي فقد رُتبت له عملية غادرة خسيسه فقد أشعرت السلطة بيت غراب أن وفدا سوف يصل لأجل افتتاح مدرسة ووحدة صحية بالمنطقة وعليهم التواجد في الموقع وحضر الجميع في الموعد المحدد ومن ضمنهم الفقيد علي سالم الغرابي وأثناء الاجتماع ليلا مساء يوم 28فبراير1972م فوجئ الجميع بشخص مسلح يقتحم الجلسة ويطلب من علي الغرابي تسليم نفسه مالم سيقتله تدافع أبناء بيت غراب لحماية زعيمهم وسط فوضى عارمة وإطلاق نار كثيف سقط على أثره 12قتيل من بيت غراب وغيرهم ليقوم المطلوب الغرابي بتصرف بذكاء برفس الاتريك لإخفاء الضوء وانسحابه من الموقع بعد إصابته برصاصة لازمته حتى وفاته، وفرّ إلى خارج المنطقة وتم الإعلان عن مقتله من قبل أبواق السلطة الحاكمة وتم تهريب علي الغرابي إلى الحدود العمانية السعودية وحاول رفاقه نقله إلى خارج البلاد لكنه أصر إصرار عجيب على عدم المغادرة برغم خطورة إصابته وشدة الألم .

قام بيت غراب برد فعل بعد هذه الحادثة وتم قتل العديد من عناصر السلطة والجنود وأصبحوا في حالة عداء شامل مع السلطة الحاكمة في ذلك الوقت مما حدا بالسلطة الحاكمة تجهيز أكبر حملة عسكرية شملت المدرعات وحاملات الجنود والدبابات وهاجموا مثاوي بيت غراب وأهلكوا الحرث والنسل وشردوا النساء والأطفال وتم أسر الكثير منهم في حملة هوجاء عدوانية عنوانها الحقد الكراهية ولم تتوقف تلك الحملة إلا بعد استسلام بيت غراب بعد أن قتل منهم الكثير واعتقال آخرين.

أما الفقيد علي سالم الغرابي فقد مكث في الجبال سبع سنوات إلى بداية العام 1979م مشردا يعاني المرض الذي استفحل في جسده النحيل في حماية أهله وإخوانه متخفيا من السلطة الحاكمة حتى قوضّ الله له الرجل الشهم الرفيق انيس حسن يحيى، بفضل مساعي بعض أصدقائه خاصة بعد توقيع فصائل العمل الوطني .
تم السماح له بالعودة إلى المدينة للعلاج واستئناف العمل السياسي غير أنه لم يكن قادر على فعل شيء بسبب معاناة السنوات التى قضاها مطاردا في الجبال وهو مصاب .

بعدها نقل إلى مستشفى المصافي في عدن لتلقي العلاج غير أن الوقت قد نفذ .

توفي في العام 1984م بعد رحلة شاقة مع المرض والألم نتيجة الحقد والتسلط الذي جثم على حضرموت طوال ال23عام .

الفقيد علي سالم الغرابي من مواليد 1932م بقرية حلفون مديرية الشحر رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ولا نامت أعين الجبناء.

———————————-
تمت الاستعانة ببعض المعلومات والتواريخ من كتاب الأستاذ سالم عوض باوزير (محطات على الطريق)

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *