الأحد , مايو 19 2024

عشت أياما وأنا أرى جثثا مرمية بالعراء! ( ذكريات شاهد على مجازر يناير ٨٦ م في عدن)

 

عشت أياما وأنا أرى جثثا مرمية بالعراء! ( ذكريات شاهد على مجازر يناير ٨٦ م في عدن)

 

بقلم/ عمر بن غالب اليافعي

ولدت بعدن بعهد الحزب الاشتراكي وبعد بضعة سنين هربت بي أمي إلى ملجأ خوفا من القصف عشت أياما وأنا أرى جثثا مرمية بالعراء وأخزن قصصا عن جثث عادت لعائلاتها أوصالا مقطعة في أكياس بلاستيك جثث تعفنت لأسابيع على قارعة الطريق كبرت وأنا أرى جثث أبناء بلادي ممزقة باسم الجنوب…

بعد ليلتين من انفجار الوضع بين الرفاق، أرسل لنا عمي سيارة تقلنا الى مكان آمن مررت في طريقي بمشاهد دمار وركام وأشلاء عدد الجثث التي رأيتها لا تحصى اعتدت على رؤية الموتى لم تعد تخيفني الجثث ولا رائحتها أو شكلها أصبحت الجثث جزء أصيل من نشأتي بفضل رفاق الجنوب

عندما أسترجع الوقائع بذاكرتي: 30 ألف قتيل بظرف 10 أيام،17 طن من المواد المتفجّرة نثر شظاياها رفاق الجنوب بين أطفال ونساء ومدنيين، سحل الرفاق بعضهم في أزقة المدينة الوادعة عدن كان المدنيون يتساقطون أرضا برصاص حي وقنابل يدوية وقذائف دبابات وRBG تُقذف من مسافات قريبة..

ينتابني شعور بالغضب عندما كنت أرى أهالي الضحايا وهم يبحثون في ركام الجثث المتفحمة والمشوهة، عن بقايا خاتم أو إصبع أو وشم يدلهم على فقيدهم، كان يُخيّل لي أن هناك أحياء بين ذلكم الركام البشري الهامد.. مجرد مشاعر طفل يتمنى – من خلال الخيال- أن قلب ينبض بين تلكم الجثث..!!

‏أُعلن في وقت مبكر انتصار علي ناصر “الزمرة” البدو، على “الطغمة” يافع والضالع عدنا من ملجئنا بالمنصورة الى المعلا وكانت الجموع تتظاهر في شارع مدرم “الرئيسي” والنساء يزغردن من البلكونات والهتافات تعلو ابتهاجا بهزيمة “الصقالبة”هكذا كان أهل عدن يسّمون جماعة يافع والضالع..

‎‏بعد هدوء لم يدم طويلا انقلب النصر لهزيمة وبدأ زحف الطغمة”الصقالبة”وفرار الزمرة”البدو ترافق مع عمليات انتقامية لم يشهد التاريخ المعاصر لها مثيلا إلا بحروب الاستئصال بالبوسنة فيما بعد..!
الفرق أن مجرمي الصرب تم محاكمتهم بينما لم يُحاكم قادة الحزب الاشتراكي على جرائمهم..! ‎‏كانت الطوابير تمتد مئات الأمتار للحصول على الماء وبمجرد وصول “البوزة”يتفكك النظام وتنتفض الجموع التي أنهكها العطش تريد أن تبلل ريقها وتروي ظمأها، لا ينفع معها طلق رصاصات في الهواء والتي أصابت إحداها نافذة الصحفي عبدالرحيم محسن أبو جلال-فر
للشمال بعد الحرب مباشرة-

 

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *