الأحد , مايو 19 2024

عوض ومن مثله .. سما في علاه (1946م ، 1365هـ _ 2020م ، 1441هـ)

 

عوض ومن مثله .. سما في علاه
(1946م ، 1365هـ _ 2020م ، 1441هـ)

▪️ مقال بقلم الأستاذ/️ لبيب كرامة باجري
عضو الدائرة الإعلامية بمرجعية حلف قبائل حضرموت الوادي والصحراء
الجمعة 2 يوليو 2021م

في مثل هذا اليوم من العام الماضي وبالتحديد في صبيحة يوم الخميس تاريخ 11 ذو القعدة 1441هـ ، الموافق 2 يوليو 2020م ، فجعت الأوساط المجتمعية في حضرموت برحيل رجل أفنى حياته وكل ما يملك لأجل خدمة حضرموت وأهلها ورفع رايتها خفاقة في العلا ، ولم شتاتهم وتفرقهم ، وحل قضاياهم ومشكلاتهم ، والدفاع عن حقوقهم في كل المحافل والمجالس..
فكان حقا عوض تعوضت به حضرموت لم نجد مثيله في زمانه ، سما في علاه ، بحكمته وحنكته وشجاعته وشهامته وكرمه ونبل أخلاقه وسجاياه..

حينما تبحث يمنة ويسرى تريد أن ترى رجلا بحجمه وحجم مواقفه النبيلة والشجاعة ، فإنك لن تجد..
لأنه رجل حمل كل خصال التواضع والإقدام والتضحية ومحبة الخير للناس ، حتى أصبح يصول ويجول كالخيل الأصيل من أقصى الوادي إلى أقصاه ومن طرف الساحل إلى منتهاه ..

المقدم المقدام أبو غازي عوض بن منيف الجابري كان بمثابة الغيث المعطاء والريح المرسلة بالخير ، مفعم بالأمل والتفاؤل في الحياة ، سخي كريم في عطاياه ، حتى ممكن القول فيه بعد التحريف في بيت شهرة عدي بالكرم:
بأبه اقتدى عوض في الكرم
ومن شابه أباه فما ظلم

شيخ رغم بلوغه في العمر نوعا ما إلا أنه لا يكل ولا يمل ، يتسم بروح الشباب وحيويته ، ذو هيبة ووقار ، ورونق خاص في المظهر والملبس ، قوي العارضة يغضب لأجل حضرموت وهمه الأكبر أن تعيش حضرموت وأهلها بسلام وأمان ، ظل مدافعا عن ذلك حتى آخر حياته وهو ينشد عن حضرموت بشكل عام ومنطقته ساه بشكل خاص ، بل إنه حكى لي أحد أطراف قضية ما أنه رغم المرض الذي ألم به في آخر أسبوع من حياته إلا أنه أبى أن يفصل في قضيتهم وحدد لهم موعدا في اليوم الذي توفي فيه وهو لم يشعر حينها أن هذا اليوم سيكون آخر يوم من حياته..
ويحكي لي آخر ثقة كان على مقربة منه أنه حضر إلى مجلسه ذات ليلة طرفي نزاع في هيئة أناس من شبوه وفصل بينهم في قضيتهم ، ثم خرج يودعهم وفجأة ركبوا في السيارة وامتسخت ولم يرى لها أثر ، فقال الشيخ:
الحمدلله الذي جعل الجن يحتكمون إلي كما جعل البشر كذلك

الفقيد المقدم عوض بن منيف كم أطفأ الله على يديه من فتنة كادت أن تشتعل .. وكم حل من قضية كانت ستستعر .. وكم صار بيته مفتوحا للصغير قبل الكبير في ليل أو نهار وهو واقف كالشمعة التي تحترق لتضىء للآخرين..

ورغم امتيازه بالحكمة والحنكة في حل القضايا بين الناس إلا أنه يمهد قبل انعقاد جلسته بقول الحكم والشعر ويدرس أطراف القضية بنباهته وفراسته ويوفر كل ما يحتاجه مجلس الحكم ، فمتى حضرت مجلسا له تجد ذلك المجلس لا تغيب عنه الحكمة وقول الشعر والنكتة اللطيفة والمزحة العابرة والابتسامة البرّاقة واللين في وقت الغلظة والرخاء في وقت الشدة..

فحقا كان الفقيد المقدم والشيخ المقدام ديوانا في الذكاء والحكمة ، ومدرسة في البذل وعمل الخير ، ونبراسا في العطاء والتميز والتألق..

كل هذه الصفات وغيرها أهلته ومكنته لأن يكون عنتر زمانه وحاتمي الوقت الذي عاش فيه ليسمو بكل ما حباه الله من أخلاق وصفات للعلا ..

فحقا ثم حقا كان عوضا بمعنى الكلمة تعوضت به حضرموت وسما في علا المجد والرفعة وميادين الشرف والبطولة ، حتى جسّد في شخصيته البيت القائل:
ما أكثر الإخوان حين تعدهم
لكنهم في النائبات قليل

فكان فعلا:
عوض ومن مثله .. سما في علاه

رحم الله الشيخ عوض بن سالم بن منيف الجابري ، وأسكنه ربي الفردوس الأعلى من الجنة ، وألهمنا وأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون..

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *