الخميس , مايو 9 2024

أياماً معدودات 10

قال الله تعالى :﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾
[البقرة: ١٨٣]

اختتمت أول آية من آيات الصيام بالتقوى: { لعلكم تتقون } ، وختم سياق الآيات كلها بالتقوى أيضاً:{ لعلهم يتقون } ، لتعطي إشارة أن من أعظم مقاصده تحقيق “التقوى”.
فللتقوى تلازم واتصال بالصيام، ذاك أن العبادات منها ما هو جماعي ظاهر كالصلاة والحج، ومنها ما هو خفي بين العبد وربه كالصيام، فجاءت هذه الفريضة لتعمق في النفوس إحياء المراقبة الذاتية، لينصرف العبد عن ملذاته باختياره وطوعه، ويجعل ضميره على نفسه رقيباً.
كم هي عظيمة حاجتنا لنربي أنفسنا على أن يكون حاديها عند فعل الطاعة « يدع طعامه وشرابه من أجلي» متفق عليه، ورادعها عن فعل المعصية « إنما تركها من جرَّاي» أخرجه مسلم، فلب العبودية استشعار هذا المعنى، وهو خلوص القصد في طلب رضا الله سبحانه في الفعل والترك، وانقطاع الطمع عن الخلق.

وهذا يفسر لنا ختم سياق كثير من الآيات بهذه العبادة العظيمة، لأن تحققها يصلح جميع شؤون الحياة، وتكون سائساً للنفس أكثر من تنظيم القانون وصرامته، حتى ورد ذكر التقوى بتصاريفها في القرآن فيما ينيف على المائتين وخمسين موضعاً.

ومن جميل ما ورد في التشبيه بحال المتقي ما أثر عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لكَعب الأحبَار: حدثني عن التقوى؟ فقال: هل أخذت طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم. قال فما عملت فيه؟ قال: حذرت وشمرت: قال كعب: ذلك التقوى. [تفسير البغوي (1 / 60)]

فيجب علينا أن نستعشر الصوم وأهميته وأنه ليس الامتناع فقط عن الأكل والشرب بل الامتناع عن كل مايغضب الله ،قال رسول الله ﷺ ( مَنْ لَم يَدَعْ قَوْلَ الزُوْرِ والعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للّه حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ)

فحري بنا أن نراقب الله في أفعالنا وأقوالنا وأن نستغل شهر رمضان ليكون لنا وقفة مع أنفسنا نصلحها نهذبها نكبح جماحها وشهواتها ليصلح مجتمعنا .
ونستشعر معاني الصوم العظيمة في الخوف من الله وترك كل مايغضبه من أفعال وأقوال.
فالصوم مدرسة عظيمة شرعها الله لنا لكي تسمو أرواحنا وأبداننا ومن حَرُم خيرها فقد حُرم ،جعلنا الله ممن يصومون رمضان ويقومونه إيمانا واحتسابا.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أياماً معدودات 28

وانقضت أياما معدودات كلمح البصر   أياما معدودات مضت كلمح البصر وها نحن في آخر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *