السبت , مايو 18 2024

الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي وانتهاكات حقوق الإنسان

الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي وانتهاكات حقوق الانسان

عبدالحكيم الجابري:

لسنا بحاجة لتقديم أدلة على نفاق المجتمع الدولي، وعن ازدواجية المعايير في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وكيف إن هذه القضايا تستخدم لأهداف سياسية، وبما يخدم القوى الدولية العظمى على حساب الشعوب المستضعفة وابتزاز الدول الأضعف، إلا إن الحديث عن كل ذلك يظل واجبا ومتاحا، من حيث التعبير عن رفض هذه الأساليب في التعامل مع قضايا حساسة تتعلق بحقوق كفلتها جميع الشرائع والقوانين السماوية والأرضية، وتضمنتها كثير من المقررات والاتفاقيات والإعلانات الدولية، الا إنها ظلت مخترقة من قبل الدول الموقعة، وفي أقل الأحوال إنها في حالة صمت عن التجاوزات والاختراقات، التي تقوم بها الدول والحكومات في حق شعوبها جماعات وأفراد.

يتجلى النفاق الدولي في أسوأ صوره في اليمن، التي تشهد حربا وأوضاعا مأساوية، ويتم فيها تجاوز واختراق كل القيم والمبادئ التي تضمنتها مواثيق الأمم المتحدة، المتعلقة بحقوق الإنسان في مختلف نواحيها ومستوياتها، أكانت من حيث جرائم القتل خارج القانون أو الاعتقالات والتضييق على الحريات العامة، وقمع الأنشطة السلمية وحرية التعبير عن الرأي، في ظل غياب تام لدور الأمم المتحدة ومنظماتها وباقي المنظمات المهتمة بقضايا حقوق الإنسان.

مليشيات الحوثي المصنفة كجماعة إرهابية، تمارس في مناطق سيطرتها في شمال البلاد انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والتنكيل بالشعب، فهي ليست دولة بل جماعة انقلابية يتوقع منها كل ذلك، إلا إن المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية أيضا يتم فيها ممارسة كثير من الجرائم، وتنتهك فيها مواثيق ومبادئ حقوق الانسان، التي تضمنتها اعلانات ومعاهدات الأمم المتحدة، الموقعة عليها من قبل الحكومة نفسها، إلا إنها لاتزال تمارس ما يناقض ذلك في المناطق المسماة بالمحررة.

التضييق على الحريات، ومنع التعبير السلمي، وقمع الصحفيين والناشطين ومطاردتهم، والقتل خارج القانون وحماية مرتكبي تلك الجرائم، كلها سمة بارزة وحالة مثبوتة بشكل يومي في مناطق الحكومة الشرعية، وتتورط في كثير منها سلطاتها ومؤسساتها الرسمية في هذه المحافظات والمناطق، وتقدم عدن وحضرموت نموذجين سيئين في مجال حقوق الانسان، إذ يعيش المواطنون في هاتين المحافظتين كغيرهم في باقي المحافظات في أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة للغاية، بعد تخلي الحكومة عن مسؤلياتها الدستورية والوطنية، إلى جانب عجز السلطات عن فعل ما يمكن أن يكون تخفيف عن معاناة المواطنين، أضيف إليها الانتهاكات اليومية مثل القتل والمطاردات والاعتقالات وجميعها تتم خارج اللوائح والقوانين، وبعيدا عن سلطات القضاء والعدالة المعطلة أصلا، ما أتاح مجال أوسع للسلطات في هذه المحافظات والمناطق لممارسة الانتهاكات، لاطمئنانها بعدم محاسبتها في ظل تغييب وتعطيل السلطات الرقابية والقضائية، الى جانب نأي المنظمات المعنية بحماية حقوق الإنسان عن القيام بأدوارها، وتخليها عن مسؤلياتها التي تبينها لوائح وأنظمة مجلس حقوق الانسان، ومواثيق واعلانات الأمم المتحدة.

تتحمل الأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، وباقي مؤسساتها المسؤلية الكاملة عن ما يحدث في اليمن عامة، وعن ما يجري في المحافظات والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، وكذلك المحافظات الخاضعة للحوثيين على السواء، من انتهاكات لحقوق الانسان بمختلف المسميات والمستويات، وعليها أن تعمل على مساعدة المواطنين في وضع حد لكل هذه المآسي، كونها هي المعنية في متابعة الأوضاع في اليمن، وأن تتحمل مسؤلياتها الإنسانية بموجب قراراتها المتعلقة بالتدخل في اليمن، وما منحته قرارات مجلس الأمن الدولي من صلاحيات للتدخل العسكري الخارجي، تحت مسمى دعم اليمن لاستعادة الشرعية، وتطبيع الأوضاع وإعادة الإعمار، وأن تخليها عن ذلك هو تأكيد جديد على نفاق الأمم المتحدة، ويزيد من عدم الثقة في المجتمع الدولي، ويدفع بالأوضاع في هذا البلد المنكوب إلى ماهو أسوأ من الكارثة.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *