السبت , مايو 18 2024

لن ننساك يا أعز الرجال

 

 

لن ننساك يا أعز الرجال

 

والدي العزيز الشهيد اللواء صالح يسلم بن سميدع طيب الله ثراك سلاما عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا اكتب اليك في ذكرى ال 49 لإعدامك وارتقائك إلى ربك شهيدا مظلوماً.

لازالت أتذكر آخر لقاء معك في سجن المنورة قبل إعدامك برغم منع الزيارة عنك إلا أن القائم بأعمال مدير السجن محمد باعلوي رتب لنا اللقاء رحمه الله رغم خطورة الموقف كانت لحظات مؤثره وصعبة كنت أنا متأثر وكانت الدمعة تنهمر من عيني لاحظت أنت ذلك فنهرتني وقلت ليش تبكي أنني مستعد للقاء ربي وما يقطع الرأس إلا من ركبه كل شيء بإرادته مادام اختار لي هذه النهاية فهو شرف كبير لي ولكم خلك رجال مثل والدك .
لازال صوتك ذلك يتردد صداه في اذني إلى اليوم .

كم أنت عظيم أيها الأب وثابتا حتى في أشد المواقف كما تعودناك لقد نصحتني ذلك اليوم وهو الوداع الأخير بالاهتمام بوالدتنا واخواننا، كنت تحمل الود والتقدير لتلك المرأة وهي تستحق ووقفت إلى جانبك في السرّاء والضرّاء كانت لديها شخصيه قوية كانت لنا الأب والأم من بعدك لكم الرحمة جميعاً .
لقد كنت تقول لي انك سئمت السلطة والوظيفة ويجب أن تستريح وتعوض اسرتك كون العمل اخذك منهم ومن وقتك
ولكن لم يتم ذلك فقد انتزعت من بين اطفالك للسجن ثم الاعدام، كان تواجدك يشكل لهم كابوس وارادوا التخلص منك وتم لهم ذلك ولكنهم لم يستطيعوا محوك من ذاكرتنا .

بينما على مشارف النصف قرن الثاني من فراقك ونحن والحمد لله متمسكين بوصاياك وروحك الطاهرة ترفرف حوالينا خلفت لنا الذكرى الطيبة والاسم الكبير .
تعرضنا للاذى والمضايقات والمصادرة ولكننا صمدنا صمود الرجال متماسكين فيما بيننا افرحنا اصدقائنا وقهرنا الأعداء.

أبي كنت الأقرب لك من أولادك وتقربي كثيرا منك رافقتك في كثير من دورياتك العسكرية للالوية والاقاليم الحضرمية وكنت معك أثناء المناوشات الحربية شهدت شجاعتك وحكمتك وحرصك على فرض النظام والقانون وهيبة الدولة كنت حريصاً على حماية المواطنين واملاكهم ..

كنت أبا حنونا ومربيا فاضلا ليس لنا فحسب بل تتلمذ على يدك المئات من أبناء وبنات البادية عند توليك تلك المدارس بعد تأسيسها وجعلت من تلك المدارس مصنع لتخريج الرجال الذين استطاعوا شق طريقهم في الحياة آنذاك ويذكرك الكثير منهم بالخير نفعوا أنفسهم وخدموا حضرموت في المجالات المدنية والعسكرية .
رحمك يا أبي أنه سجل حافل بالعطاء والعمل والانجازات جعلها الله في ميزان حسناتك .

حتى محاولة اغتيالك الثانية كنت ممسكا بيدي ورميتني أرضا محاولا حمايتي بجسمك والرصاص يمطر فوقنا كنت نجلس بجانبك أثناء المداولات والمحادثات استفدت منك كثيرا ومن حسن تعاملك مع الآخرين وأحسست انك تريد مني الاستفادة الحمد لله تعلمت منك الكثير فقد كنت معلمي ومثلي الأعلى وانته من أطلقت علي لقب ابوصالح.

احببت أن ابلغك أن من تآمر عليك قد خسف بهم ربي الرفاق تقاتلوا وبلغ الدم بينهم إلى الركب حتى جاءهم الطوفان هربوا مثل الحردان برا وبحرا وتركوا الشعب وحيدا واصبحوا في احضان من كانوا يصفونهم بالرجعية وهي أوصاف كانوا يقولونها عليك وعلى زملائك إنهم الآن في مستنقع العمالة والزبالة يأكلون من فتات موائدهم ويلعبون بالمال الحرام وسينالون جزاءهم .

لن أطيل عليك فقد أحببت أن اخاطبك لأني اراك كل يوم امامي وقد توفي اخي محفوظ قبل أربعة اشهر فقد كان بمثابة الوالد لنا بعد رحيلك وها أنا اتحمل الرسالة رسالتك رسالة الحب وصلة الرحم والكرم التي لن نحيد عنها أبدا وسيحملها من بعد أبنائنا .

سيدي وتاج راسي والدي كم من القصص التي تروي عنك ففي بداية التسعينيات كنت في مسجد عمر وكان بجانبي شخص لم اعرفه من قبل واسمه باحشوان يلقب ،، تيتو،،من أبناء مدينة المكلا وقال كنت حارس في مؤسسة الكهرباء وفي ظهيرة أحد الأيام رأيت جنود السجون ومجموعة من الناس في مقبرة السجن بجانب الكهرباء وذهبت للاستطلاع الأمر منعني أحد الجنود سألته ايش فيه ؟! قال اعدام بن سميدع وقفت من بعيد ورأيت والدك واقف بجانب العمود والجندي يوجه سلاحه إليه لإطلاق النار عليه وهو يبتسم ويلتفت شمالا وجنوبا وكأنه يودع الجميع ونفذ الحكم وسقط أرضا لم يكن مقيدا كان شجاعا يشهد الله أنه كان صادقا ولازلت اتذكر الموقف جيدا بحسب قول تيتو.

وقد حكى لي أحد جنود السجن الذين رافقوه إلى ساحة الاعدام ويدعى ،،المطري ،،حيث قال لي كلفت مع آخرين بالخروج لوالدك إلى ساحة الاعدام وكان يمشي معانا ويتحدث الينا وسألني عن صحتي كوني كنت مريض قبل أيام ابهرني هذا الرجل حتى في اللحظات الأخيرة أنه نوع نادر من الرجال كان صائما أحضرت له كوب من الماء لكنه رفض وقال اريد أن لقاء ربي صائما رحم الله الجميع .

لاتزال الناس تذكرك بالخير لم يقل أحد أن والدكم اخد حقنا أو نهب مال الدولة أو ظلم أحد .
تحدث عنك السلطان غالب بن عوض القعيطي بانك من أوفى المسؤولين في الدولة القعيطية الحضرمية ويكفيك ذكر الناس لك بالخير وهو أكبر تكريم بعد الشهادة فهو أعلى وسام لك ولنا .

العام القادم تكمل نصف قرن على استشهادك لك الرحمة والمغفرة ولوالدتي الفاضلة وأخي محفوظ تغمدكم الله بواسع برحمته ولنا طول العمر والعافية حتى نتذكركم .

كتبه/فائز صالح يسلم بن سميدع

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *