الجمعة , أبريل 19 2024

نبذة عن الدولة الكثيرية في حضرموت وظفار

الدولة الكثيرية هي أطول الدول التي نشأت في حضرموت وظفار عمرا، وأكثرها اتساعا، وضمت أكثر مناطق حضرموت في الوادي والساحل والغيضة وشبوة وظفار.

*ظهور قبيلة آل كثير في حضرموت قبل تأسيس الدولة*

قبل تأسيس الدولة الكثيرية ب١٨٥ عام قامت قبيلة آل كثير بإعمار عينات في وادي بوحة وسكنتها عام ٦٢٩ هجري، وكانت منذ ذلك الوقت تشارك في الأحداث السياسية والتحالفات والصراعات الموجودة في حضرموت بين الإمارات الموجودة في حضرموت والقبائل الحضرمية، وكان في الوادي عدة إمارات صغيرة لا تنقاد لبعض، وفي عام ٦٧٣ هجري حالفت نهد وآل كثير الحبوضي الذي استولى على شبام من أميرها الذي باعها له، ثم لم يوفه وضم سيئون وكانت قرية صغيرة، والغيل الأعلى والعجز ودمون، ثم حاصر تريم، وعند قدوم عامر ابن شماخ النهدي حليف الدولة الرسولية بجيش، انسحب الحبوضي لظفار واستناب على القرى التي أخذها آل كثير للاستعداد لمواجهة الجيش الرسولي، لكن كان الوضع وقتها لا يسمح لأي قبيلة أو إمارة بالسيطرة على عدة مناطق فترة طويلة. ثم في عام ٧٢٣ أخذ آل كثير بور لتكون منطلقهم وعاصمة ملكهم بعد ذلك، وبقوا كقبيلة تشارك في صنع الأحداث السياسية، وقد انتقلت فروع من القبيلة لعدة مناطق في وادي حضرموت وكذلك ساحل حضرموت والغيضة وظفار، وفي عام ٨٠٧ هجري أخذ آل كثير ظفار، إلى أن برز السلطان علي بن عمر لتتحول القبيلة إلى دولة وتضم عدد من المناطق في وادي وساحل حضرموت والغيضة وظفار.

*بداية الدولة الكثيرية وعمرها السياسي*
بدأت منذ عام ٨١٤ هجري ومنذ تأسيس أول دولة منها إلى رابع دولة منها لها ٥٥٣ عام، كل ما سقطت دولة تبعتها الأخرى، وهذا دليل لقبولها المجتمعي.

*أبرز إنجازاتها السياسية والعسكرية*

انتصرت على الدولة الرسولية وأخذت ظفار منها على يد مؤسسها السلطان علي بن عمر جعفر الكثيري، الذي أسس دولته من بور بحضرموت، ثم ضمت الغرفة ووصلت في أقصى اتساعها إلى أبين، وجيشها وصل إلى الجوف حيث قام بنصرة شريفها بعدما استنجد بالسلطان التاسع للدولة بدر بو طويرق، وقد قامت بهزيمة البرتغال في معركة الشحر عام ٩٤٢ هجري بقيادة سلطانها التاسع السلطان بدر بو طويرق الكثيري الذي قتل عدد منهم ممن أسرهم في معركة الشحر وسواحل حضرموت وظفار، ووضع بعضهم في حصن بناه في غيل باوزير ليكون سجنا لهم عدة أعوام، مع محاولات البرتغال لفك أسراهم بكل الوسائل، ولم يطلقهم السلطان إلا بشروط صعبة، بعد أن استفاد من خبراتهم وأرسل بعضهم للسلطان العثماني سليمان القانوني أقوى سلاطين زمانه، وكانت حليف لوجستي للعثمانيين في قتال البرتغال في الهند، وزودوه بمعلومات عن الأسطول القادم لقتال البرتغال، اعترافاً به كأحد أقوى سلاطين جنوب الجزيرة العربية، وكان لها تأثير على الوضع السياسي في شمال وجنوب اليمن، وكان الإمام شرف الدين في غاية التعب من دعمها لخصمه ناصر بن أحمد -شريف الجوف – الذي سانده السلطان بدر بو طويرق وزوده بالمال والخيل وصار أحد أمرائه، وعقدوا عقدا مع العثمانيين في زبيد، حيث قام الشريف بتفكيك جيش ابن الإمام عز الدين وتم أسره، وساهمت السلطنة الكثيرية في فك أسرى جزيرة كمران من شمال اليمن، وفك حصار العثمانيين في زبيد بإغاثة كبيرة.

*جيش الدولة الكثيرية وأسطولها البحري*

كان لديها أسطول من السفن وجيش ضخم مكون من آل كثير وبعض قبائل حضرموت وشبوة والمهرة وظفار وأشراف الجوف وعسكر من يافع وقبائل الجوف وخولان، ويكاد لا تخلو قبيلة أو أسرة في حضرموت إلا وكانت من أنصار بعض سلاطين الدولة الكثيرية في وقت ما.

*العلاقات بالدول الخارجية*

كان لها تبادل تجاري وتواصل مع دول كبرى ومنها التواصل مع امبراطور الصين في زمن السلطان المؤسس علي بن عمر الكثيري الذي التقى به قائده في ظفار بإحدى وأربعين سفينة عام ٨٢٤ هجري، ثم ابنه السلطان عبدالله فيما بعد الذي أرسل مبعوثا إلى امبراطور الصين ومعه اللبان الظفاري وبعض الهدايا عام ٨٣٧ هجري.

كانت لها علاقة جيدة مع الدولة الطاهرية في زمن الأمير بدر بن محمد الكثيري، الذي أخذ الشحر من الطاهريين عام ٨٦٧ هجري بدون قتال لانشغالهم بتثبيت حكمهم وضم مناطق أكثر أهمية مثل صنعاء، ولأن أخذهم للشحر لم يكن إلا ردة فعل لغزو بادجانة لعدن بعد أن قامت الدولة الطاهرية بإسقاط الدولة الرسولية، ثم أخذ الشحر سعد بن مبارك بادجانة من بدر بن محمد الكثيري عام ٨٨٣ هجري، وبعد ذلك أخذها السلطان جعفر الكثيري عام ٩٠٠ هجري من بادجانة بمعركة، وسبب العداء هذا محاولة حاكم الشحر سابقاً بادجانة أخذ ظفار من السلطان عبدالله والد السلطان جعفر الذي لحقه من حضرموت فتراجع الأخير، وقد كان للسلطان جعفر نصرة لبيت زياد المهرة بعد أن طلبوا نصرته لهم لمساندتهم ضد أمير الشحر سعد بن مبارك بادجانة

كانت على تنسيق عالي مع الدولة العثمانية في زمن السلطان بدر بو طويرق الكثيري، الذي أرسل للسلطان العثماني سليمان القانوني ٣٥ أسير برتغالي بعد انتصاره عليهم في معركة الشحر مع بعض الغنائم، مما جعل السلطان العثماني يعترف به ويقره كحليف ويزوده بمعلومات عن أسطول قادم لقتال البرتغال مكون من ٤٠ ألف مقاتل، ليساهم السلطان بدر في جعل بلاده منطلق لهم وداعم لوجستي للسفن العثمانية وفي عام ٩٤٥ هجري طلب بعض العثمانيين من السلطان بدر سفن كبيرة للانضمام إلى الأمير مصطفى بهرام لقتال البرتغال في الهند، فزودهم بسفن وبعض الملاحين الأسرى البرتغال لخبرتهم ولم تكن العلاقة علاقة تبعية، بدليل أن البرتغال كانوا يرسلوا الرسل للسلطان بدر لفك أسراهم، ومن بين الشروط يكون هناك من البرتغال من يستفاد من خبراتهم ومعارفهم مقابل إطلاق الأسرى وقد تم إطلاق بعضهم.

توجه السلطان محمد بن عبدالله الكثيري للحج في عام ٩٣٠ هجري واستقبله الشريف بركات حاكم مكة، بعد أن استقبله الأمير مظفر ابن اخ أمير زبيد سلمان الرومي بالعسكر مرحبين بقدومه ومعتزين بلقائه بعد أن توجه من زبيد بحرا إلى مكة وتزوج من أهل زبيد وكان للسلطان بعد بدر دور في فك حصار زبيد بإغاثة كبيرة.

*أبرز إنجازاتها*

صكت عملة نقدية في فترة مبكرة في زمن السلطان بدر وأطلق عليها البقشة البدرية.

بناء أسطول بحري وفي إحدى الحملات البحرية تحركت ثلاث سفن كبيرة يطلق عليها غربان (وقد سبق أن أعار السلطان بدر العثمانيين بعضها مع أسرى لديه من خبراء الملاحين البرتغاليين) وثلاث جلاب وثلاثة طراريد وعشرة سنابيق عدنية وثلاثين سنبوق وثلاثة سنابيق عبرية .

وكان لدى الدولة الكثيرية جيش ضخم قام هذا الجيش بالتوجه للجوف نصرة لابن حليف وأحد قادات الدولة الكثيرية

أول من استخدم البنادق السلطان بدر بو طويرق الكثيري في حضرموت أخذها من الأتراك بعد أن كون علاقة ممتازة معهم.

بناء المدرسة البدرية بالشحر لتكون مدرسة للشافعية التي تولى إدارتها الشيخ علي بايزيد وقد كان السلطان بدر وأبناؤه مهتمين بها وقد زامنتها حركة علمية وأدبية ومؤلفات تاريخية في حضرموت

مرت عصور رخاء في زمن عدد من السلاطين أبرزهم السلطان عمر بن بدر بو طويرق في الدولة الكثيرية الأولى بحكم توسع الدولة وقلة الحروب آنذاك وكذلك منصور بن غالب في الدولة الكثيرية الرابعة حيث كانت التجارة في شرق آسيا والهند مزدهرة

نهضت بعض المدن في عصر الدولة الكثيرية ومنها سيئون التي تحولت من قرية لمدينة بسبب استقرار سلاطين آل كثير بها بعد بور وبرز في عصر الدولة الكثيرية علماء وقضاة ومؤرخين وشعراء كبار مثل القاضي عبد الله باعبسين، وأدرك السلطان عبد الله بن جعفر، والفقيه عبدالله بافضل، والشيخ عمر بامخرمة، والفقيه محمد بحرق الذي تولى إمارة هينن وابنه المؤرخ عبدالله، والشيخ حسن باكثير الذي كان مبعوث السلطان بدر لأويس باشا في زبيد، وقد كلفه ببناء المدرسة البدرية بالشحر الذي تولى إدارتها الشيخ علي بايزيد وتولى إدارتها في زمن ابنه محمد بن مزاحم باجابر والشاعر عبد الصمد باكثير، وظهر في الدولة الكثيرية الأخيرة مفتي حضرموت عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف ولا يتسع المجال لذكر كافة العلماء والأدباء الذين ظهروا في عصر الدولة.

كثير من الحصون لبعض القبائل والأسر الحضرمية بناها عدد من السلاطين لأنصارهم من هذه القبائل ومذكور عن حصون كثيرة بناها السلطان بدر بو طويرق وأخوه محمد.

*المراجع*
•تاريخ شنبل
•تاريخ الشحر وأخبار القرن العاشر
•روح الروح فيما جرى بعد المئة التاسعة من الفتن والفتوح
•تاريخ باحميد الكندي
•إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت
•تاريخ حضرموت السياسي للبكري
•كتاب الخليج والجزيرة العربية في الوثائق والحوليات الصينية د. محمد محمود خليل
•الأوضاع السياسية بظفار في زمن الدولة الكثيرية الأولى لسالم بن أحمد الكثيري

✍🏻عبدالإله بن سعيد بن عيلي

عن عبد الإله بن سعيد بن عيلي

Avatar

شاهد أيضاً

الشاعر عبد الإله الكثيري يلقي قصيدته اضرب فديتك في قناة الواقع والتي تصف معركة الشحر التاريخية التي انتصرت بها الدولة الكثيرية في حضرموت وظفار على البرتغاليين عام ٩٤٢ هجري

الشاعر عبد الإله الكثيري يلقي قصيدته اضرب فديتك في قناة الواقع والتي تصف معركة الشحر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *