الأحد , مايو 19 2024

من يقتاتون من جسد حضرموت وكرامة أهلها تحت غطاء تمثيلها ستلعنهم الأجيال ولن يرحمهم التاريخ

 

 

من يقتاتون من جسد حضرموت وكرامة أهلها تحت غطاء تمثيلها ستلعنهم الأجيال ولن يرحمهم التاريخ

عبدالحكيم الجابري:

إن ما يجري اليوم ما هو الا استجرار لمراحل وتجارب سوداء، وتكرار لممارسات قبيحة مارستها الأنظمة السابقة بحق حضرموت وأهلها، فيها من التهميش والاقصاء والعنصرية المقيتة، وان تغيرت الأدوات والشخوص، الا أن السلوك لا يزال نفسه بل أكثر عفانة من ذي قبل.

حضرموت التي تمثل ظاهرة حضارية وانسانية، لم تكن كذلك إلا بتميز إنسانها وتفوقه، وكان على الدوام النموذج المحترم في الأخلاق والعلم والعطاء، فعرفت العديد من الأمم قدر هذا الانسان، فجعلت له المكانة العليا، وجعلته في مقدمة قوافل سيرها نحو حياة أفضل، وكان الحضرمي جديرا بتلك القيادة، لما يمتلك من قدرات وقيم عالية.

لسنا نرجسيون حين نتحدث عن خصالنا التي تميزنا عن غيرنا، بل نكون في قمة الواقعية، وفي أعلى درجات الصدق والعدل، بأن نبيّن لمن يتجاهلون هذه الحقيقة المؤكدة عبر التاريخ، وأثبتتها وقائع الأزمنة والعصور الحديثة، بأن الحضرمي هو الكائن البشري الذي استودع فيه الخالق عز وجل، كثير من أسراره ومن محاسن الصفات، وانه من عرف حق ربه عليه فعمل بشرعه، وعرف حق الناس عليه فاعتبرها واجبات تؤدى بكل صدق وسخاء.

لقد شهدت حقبة الجبهة القومية أعظم جريمة بحق حضرموت وأهلها، بأن ضُمت قِسرا لكيان متخلّف أسسه المستعمر الأجنبي قبل رحيله، وكانت في وضع المفعول به في جملة غير مستقيمة، واستمر الحال في حقبة الاشتراكي، الذي مارس في حق حضرموت ما ورثه من سابقيه.

بعد عام 1990، استمر الحال مع نظام أكثر تخلفا وأكثر جشعا واستحواذا، فاستولى على كل شيء، وظلت حضرموت مجرد عربة بين عدة عربات، دون اعتبار لما تمثله كونها الأفضل من كل تلك المقطورات، الا ان طبيعة النظام الاستبدادي النفعي المتخلّف كانت هي الطاغية، وللأسف أيضا كان عدد ممن ينتمون جغرافيا لحضرموت مشاركين في هذه الجريمة.

اليوم، وفي ظل ما يعتبره كثيرون، خطوات لإعادة ترتيب المشهد في اليمن، وعبر أدوات وقوى جذورها مرتبطة بالخارج الذي أوجدها أكثر من الارتباط بالداخل، برزت بصورة أكثر بشاعة، وبأساليب أكثر قذارة ونتانة، إذ اختزلوا حضرموت في أفراد اختاروهم هم، علموا فيهم الشعور بالنقص والدونية، يملكون أنفس خربة خالية من كل قيمة وخُلق، فهم لا يرون الا مصالحهم الشخصية، ولا يأبهون لمصلحة حضرموت الأرض والانسان.

تهميش حضرموت والانتقاص من مكانتها يطغى على كل شيء، نعم على كل شيء، بدأ من مجلس القيادة الرئاسي، الذي اختاروا فيه شخصية ضعيفة ممثلا لحضرموت، وهو من ثبت أنه غير جدير بأي مسؤولية، كونه فاقد الاحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع، بل انه حاقد على كل ما هو حضرمي.

وفي الأطر الحكومية، هناك أربعة فقط من حضرموت على رأس أربع وزارات، ورغم ذلك فإن الأربعة هؤلاء يعجزون أمام أصغر موظف من مناطق النفوذ، فالوزراء الأربعة الحضارم ما هم الا واجهات فقط، بينما الوزارات يديرها أصحاب النفوذ المناطقي والعسكري، مع غياب تام للحضارمة في الدرجات الأدنى من الوزير، كالوكلاء ورؤساء الهيئات والمصالح، والحال نفسه على مستوى القيادات العليا في الجيش والأمن، والسلك القضائي والدبلوماسي.

حتى في المنتخبات الرياضية حضرموت هي الأقل حضورا، ليس ذلك فحسب، بل أيضا في الأحزاب والمكونات والقوى السياسية جنوبا وشمالا، رغم كفاءة الحضرمي الا انه مجرد تابع فيها، ولحضرموت فقط ممثلين في كل ما ذكر، من أطر حكومية وسياسبة ودبلوماسية وقضائية وعسكرية، وحتى الرياضية والفنية والابتعاثات الخارجية.

ان مايجري اليوم ينبئ بمستقبل أكثر قتامة، وستكون فيه حضرموت أكثر تعاسة وظلما من الأوضاع التي كنا ندينها، ولن يستقيم لليمن جنوبه أو شماله ولا حتى للمنطقة عود، ان لم تنصف حضرموت، ان لم يؤسس المستقبل على شراكة حقيقية وعادلة، ركيزتها ومعيارها الجغرافيا والتاريخ، وكذلك الامكانيات الذهنية والمادية، من عقول وكوادر مؤهلة وثروات متنوعة.

إن من يلتحقون اليوم بالمنظومات العابثة، من مجالس رئاسية وحكومية وغيرها من مجالس وهيئات، ومن لجان وأحزاب وقوى سياسية ومجتمعية، ممن يرون أنهم ممثلين من حضرموت، ستلعنهم الأجيال القادمة، كما لعنت من سبقوهم في الأنظمة البائدة، الذين كانوا يقتاتون من جسد حضرموت وكرامة أهلها، ان لم يغيروا سلوكهم، وأن يجعلوا حضرموت ومصلحة أهلها مقدمة على مصالحهم، وأن يقاتلوا بكل السبل والأسلحة، لكي تتبوأ حضرموت مكانتها اللائقة والمستحقة، قاطرة وليست مقطورة.

#وجدنا_للقيادة_ولا_ننقاد
#قوتنا_في_وحدة_صفنا_الحضرمي
#حضرموت_حضارة_وحضور

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *