الأحد , مايو 19 2024

ضعف ولاء الحضارم لوطنهم .. الأسباب والنتائج

 

 

ضعف ولاء الحضارم لوطنهم .. الأسباب والنتائج

 

الكاتب / فائز سالم الصيعري

 

بالأمس طالعت مقالا للكاتب الحضرمي العزيز صالح السباعي بعنوان “ضعف ولاء الحضارم لوطنهم” ، عرج فيه على مشكلة ضعف الولاء لدى الحضارم تجاه وطنهم ، ووضعهم في مقارنة مع الهنود الذين وصفهم بأنهم أكثر الشعوب ولاء لوطنهم بين شعوب العالم .

 

ولو نظرنا الى أسباب هذه الآفة لدى الحضارم لوجدنا أنها ليست بالحديثة ، فقد قال المناضل الحضرمي عبدالله الجابري أبوشمس في مقال له في أواخر الستينات ”  : لسنا قلة …. وما تحت أيدينا من الموارد المادية ، عسكريا واقتصاديا ليس بالقليل (… القليل هو رصيدنا من الايمان بالوطن ) .

 

فإن لم تكن تؤمن بالوطن فقطعا لن تواليه ، فالايمان قبل الولاء، وهذا ما جعل الشعب الحضرمي في الداخل ضعيف الولاء لحضرموت ، فتجد اليوم حضرميا من أقحاحها نسبا يفتخر بكونه يمنيا أو جنوبيا ، وكأنما لا هوية له ورثها عن أجداده .!!

 

وذلك نتيجة طبيعية ، لقرن من التجريف الممنهج للهوية الحضرمية ، سياسيا وتاريخيا ، منذ ماقبل ظهور الدولة القطرية،  والهويات السياسية الوطنية الى يومنا هذا ، فقد استطاع المحتل الصليبي ، وبتوصية من الكنيسة الكاثوليكية ضرب الجبهة الداخلية الحضرمية ، وذلك أن الحضارمة هم من قادوا في عديد من الدول الآسيوية والأفريقية حركات الاستقلال الوطني ، كما حدث في ليبيا والصومال مثلاً قبيل استقلالها من الطليان ، وما وقع في استقلال دول جنوب شرق آسيا ، مثل اندونيسيا وقيادتهم للمعارك العسكرية في اقليم آتشيه الاندونيسي ضد المحتل البرتغالي، حتى بلغ بالبرتغال الموافقة على منح آتشيه استقلالها وضمها إلى الارخبيل الاندونيسي في مقابل خروج المقاتلين الحضارمة منها ، كل ذلك جعل المحتل الصليبي يقوم بإرسال عدد من جنرالاته في جيش حيدر أباد ، وقام بدعمهم عسكريا وسياسيا ولوجستيا، ضمن حربه ضد الخلافة الاسلامية أولا ، والدول التي تدين لها بالولاء ثانيا ، كحضرموت والتي انكسر الاسطول البرتغالي على أسوار شحرها ، والتي تصدّر لشعوب العالم علماء وقادة أذاقوا المحتل الصليبي المر ، فأقاموا بها عددا من الإمارات الضعيفة المتفرقة المتناحرة انتقاما ، ولم يسمحوا بأن يكون لشعبها دولة مستقلة .

 

بينما وبسبب ذلك ضعف الولاء لدى الأجيال اللاحقة من أبناء المهاجرين الحضارم ، فلم يعودوا يؤمنوا بحضرموت كوطن ، فتجدهم دوما ما يبحثون عن وطن آخر لهم ، يتقمصون هويته، ويسعون للحصول على جنسيته ، وينصهرون فيه الى حد الذوبان .! فهم لم يعودوا يمتلكوا وطنا كأجدادهم .

 

ولولا أن هاجر من حضرموت من يحملون جوازات سفر حضرمية ، وكوّنوا جاليات حضرمية ، ولم يتحصلوا على جنسيات دول المهجر لما وجدت في العالم اليوم حضرميا واحدا ، كما لا يوجد اليوم ترفساليا واحدا في جنوب افريقيا والعالم أجمع .!

 

إن ضياع الهوية الحضرمية هو مقدمة لضياع الانسان والوطن الحضرمي معا ، وهو ما عملت عليه الأنظمة المتعاقبة على حكم حضرموت منذ نصف قرن مضى، ففي اللحظة الفارقة والتي حافظت فيه الشعوب العربية على هويتها التاريخية بقيام الدول القطرية، عند رحيل الاحتلال الصليبي من الوطن العربي، فقدت فيه حضرموت هويتها التاريخية كأحد أقطار جزيرة العرب ، بسبب حرمانها من قيام دولتها الحضرمية المستقلة .

 

ولن يعود الولاء لحضرموت إلا بعودة التراب الحضرمي كوطن ، يحتضن أبناءه ويجمع شتاتهم ، ويفتخرون بانتمائهم إليه .

 

وللشهيد الجابري أسطر كتبت في العام 1974م:

يحسن بي أن أتوقف هنا.. وأسرع في البحث عن هويتي.. فأنا ـ حتى الآن ـ لست حضرمياً في حضرموت.. ولا يمنياً في اليمن.. ولا عربياً بين العرب .. وتلك ليست قضية فرد .. ولكنها قضية مليون حضرمي، ينتشرون على “جبهة تشرد عريضة”.. تبدأ من صحراء الربع الخالي وتمتد شرقاً حتى جزر “بالي” في اندونيسيا.. وغرباً حتى وسط أفريقيا .

 

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *