السبت , مايو 18 2024

أزمة منطق.. (الكورونا أنموذجاً)

أزمة منطق.. (الكورونا أنموذجاً)

لا شك بأن من أبرز ملامح التفكير السطحي، وضيق الأفق هو الخروج أو بالأصح الهروب من عبء ومعاناة التفكير القويم والصحيح، والنفور من تحليل القضايا والأمور، من منطلق المبادئ والبديهيات والمسلمات والثوابت والاستعانة بالحجج القابلة للتفنيد والتحليل، ووضعها موضع التشريح والتفكيك.

والرضوخ والاستسلام للأصول دون دراسة الفروع، والتباهي والتمسّك بالأولى دون تدبر الثانية.

وذلك يتضح جلياً عند مواجهة أزمة أو ظاهرة أو جريمة، طبيعية كانت أو مفتعلة ونسبها نحو محور معين وعنصر محدد دون الإدراك والاستدراك لما تحمله هذه الأزمة من دلالاتٍ ومعاني وأسباب واعتبارات وعلاقتها بعلوم أخرى في كثير من الأصعدة..
وعدم الإحاطة قدر الإمكان بالجوانب والمحددات المختلفة التي ساهمت في نشوء ونمو وتكاثر، وأحيانًا انشطار هذهِ الأزمة إلى أزماتٍ صغيرة.
وبالتالي المساهمة في خلق نوع من عدم الوعي-والذي بحد ذاته أزمة- بين أفراد المجتمع.

ولعلّي أشرح ما قلته من خلال ضرب مثال واقعي على سبيل المثال لا الحصر.
الكل يدرك خطر الأزمة الصحية الكبرى التي يمرّ بها العالم وهو ما صنفته منظمة الصحة العالمية في البداية على أنه وباء ثم جائحة لتوسع نطاقه وتمدد انتشاره والمعروف ب(الكورونا)، إن البعض ينسب هذا البلاء إلى دولة معينة مثل أمريكا أو الصين -كما هو متداول بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي- والقول بأن هذهِ أزمة مفتعلة بشرية لا طبيعية، وأن إحدى الدولتين افتعلت هذهِ الأزمة ولديها العلاج من باب (الحرب البيولوجية) على الأخرى بعد معرفة ما تكلّفه الحروب بمسماها الاصطلاحي من تكاليف باهضة وغيرها من الأسباب.

وأنا هنا ليس بصدد الحديث عن جوهر البلاء وأسبابه الحقيقية فهذا شأن آخر، ولكن الحديث عن منطق محدد يتداوله الكثير من الناس، بعد ما عجِز الطبُ إلى هذهِ اللحظة من إيجاد حلول جذرية للمرض، وعدم قدرة البعض دراسة الأسباب الحقيقية لهذهِ الأزمة، نُسب هذا الشيء بأنه مؤامرة كبرى تُحيكه الدول الثرية نحو الدول الغنية، ووجِد الحل بهذا العذر السطحي لعدم قدرة الفرد على التحليل والاستناج ولو بسيط عن أسباب هذهِ الأزمة(وغيرها)، وهذا وإن دلّ، يدل عن عجز ذهني بامتياز ولا حول ولا قوة إلا بالله، وتنتهي الحكاية بهذا الفصل.

علينا بأن ندرك بأن حتى لو كانت هذه الأزمة مفتعلة- وأنها مؤامرة – كما يدّعي البعض علينا أن نبحث ونجد ونجتهد عن الأدلة والحجج والبراهين التي تؤيد موقفنا مع الأخذ بعين الاعتبار دراسة الحالات السابقة وجذورها وتفرعاتها، أمّا الكلام والجدال والنقاش دون التكلّف بعناء الدراسة والبحث والاطّلاع فهذا مثل ما تُنسب الكثير من القضايا والجرائم نحو المجهول ويغلق ملف القضية.

 

كتبه محمد جلال البيحاني

 


جميع الحقوق محفوظة لصوت حضرموت 2020©

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *