الثلاثاء , مايو 7 2024

البصل السياسي والطماطم النضالي

 

 

البصل السياسي والطماطم النضالي

 

منصور باوادي

لا تفتأ الحالة اليمنية تمدُّنا بكل ما هو غريب وعجيب، فلا يتوقف تدفُّقها الساخر وكأنه (مُهرِّج) يهزَأُ بنا وبعواطفنا، ويعبث بآمالنا وآلامنا بأعماله الخرقاء وأفعاله الحمقاء، ونحن –وآهٍ من نحن – نمدُّه بمادة بقائه ونعينه في مطَّ تُرَّهاته سنوات وسنوات.

حينما تشتعل الحروب تختلط السياسة بالدجل، والنضال بالخداع، ويقع الشعب فريسة في مصيدة السياسيين والمناضلين، ومن خلفهم الصحفيون الذين يثيرون عواصف من غير ريح وحربا من غير جُند.

وبين هذه الأصناف يعيش الشعب عيش المحكوم عليه بالقتل أو النفي، إذا سلم له بدنه لا يسلم له وطنه.
ومن منافع الحروب –وضررها أكبر من نفعها- أن سياسيي البصل ومناضلي الطماطم تفتّحت عليهم أبواب الرزق، وامتلأت أيديهم، وفاضت جيوبهم، إلّا الشعب؛ فهو يهوي في دركات الفوضى بعد أن سلطوا عليه الجوع ورموه في قعر البطالة وجعلوه يطارد سرابا اسمه الاستقرار أو الخدمات أو الرواتب …إلخ.

لقد أصبح السياسيون والمناضلون خبيرون بصنعة التعذيب والتجويع البطيء للشعب، لا تهزّهم تلك الآلام، ولا تحرك ساكنا فيهم الأوجاع التي تتصدر الإعلام بمختلف مشاربه، بل هي مادة ثرائهم وعنصر كنوزهم، وعليها تقوم رفاهية أولادهم وزوجاتهم، بل وحتى دوابهم الأليفة أكثر إلفا من الشعب البائس، فكلما ازداد الشعب فقرا وتدحرج تحت خطه حتى ابتعد كثيرا عنه؛ ازدادوا ثراء، وبهذا فنحن أمام قانون من قوانين البطّالين، ومعادلة من معادلات الأفّاكين تقول: كلما بقي الشعب تحت خط الفقر وهوى في ذلك المنحدر الزلِق، كلما ابتعد السياسي والمناضل عنه أميالا وأميالا وأصبحت حياته مليئة بالهناء والسرور، فالشعب يهوي، وهم يرتفعون ويبتعدون، فهل مَن يحيا هذه الحياة المترعة المفعمة سيَجدُّ في إيجاد المخارج وإصلاح الشأن ورأب الصدع، وإعادة المياه إلى مجاريها؟

هناك مقولة سَرَت بين الأمم وهي من وضْعِ هؤلاء الساسة الدجالين الخرّاصين تقول: القانون لا يحمي المغفلين، ومع أنها تتعارض مع عدل الشريعة وسماحتها، إلّا أن الشعوب رضخت لها وأصبحت عندها من المسلمات غير القابلة للجدال والمراء، وبهذا فإنه يحق لنا أن نقول لهذا الشعب المطحون برحى الساسة والنضال: إن القانون لا يحمي المغفلين، ومن أخبر ذلك البدوي القديم أن مقولته هذه كأنها تعنينا: ((إذا تركتُ الجملَ يدسُّ أنفَه في خيمتي في هذه الليلة الباردة، فإنه يُوشك بعد ذلك أن يدسَّ رأسَه كله، ثم لا يلبث أن يدسَّ رقبتَه، وسرعان ما أجِدُ الجملَ برمَّته وقد اقتحم عليَّ الخيمة.

إنَّ السلامةَ من سلمى وجارِتها *** أن لا تمرُّوا بوادِيها على حال

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

ماذا جنت حضرموت من نصر الرابع والعشرين من أبريل ؟

    ماذا جنت حضرموت من نصر الرابع والعشرين من أبريل ؟ في الغالب وفي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *