السبت , مايو 18 2024

الثورة وحقيقة (ديناميكية) التغيير

الثورة وحقيقة (ديناميكية)  التغيير

 

إن المتصفح للتاريخ، يُدرِك بأن الثورة إذا قامت على يدِ أبناء الوطن فإنها تكون لأسباب محددة وواضحة.
وأن أهداف الثورة لن يكون الرضوخ لها سهلاً أو يكون تلبية مطالبها عبر فترة زمنية قصيرة، فالثورة الفرنسية على سبيل المثال والتي انطلقت في 1789 استمرّت لسنةٍ كاملة، وكانت نتائجها وحدوث التغيير الفعلي والجذري في فرنسا عشر سنوات من العمل الدؤوب تبيّنت آثار تلك الثورة المشهورة والتي كانت ضد دكتاتورية واستبداد النظام الملكي آنذاك.

فلكل ثورة مهما كان اتجاهها الفكري ثمن وقيمة تزداد قيمتها بمدى تمسّك رجالها بِه، فالعلاقة بينهما طردية
فهناك رجال يشهد لهم التاريخ بمواقفهم ونضالهم، يُحافِظون على مكتسباتها أي -الثورة- ويناضلون من أجلها ويبذلون كل نفيس لتحقيق مطالب الشعب مهما كلّف الأمر.
وثمة طرف آخر يترزقون من خلال أي انتفاضة شعبية تُقام ونسمع صدى أصواتهم تهيمُ في كلِ وادٍ وأنهم يقولون مالايفعلون وغير ذلك من سمات تلك الفئة المشؤومة.(ولاريب أن ثمة عوامل أُخرى تلعب دورها أيضاً في هذا الشأن)
وعلى ذلك المنهج تقوم غالبية الثورات سواءً كانت ضد الحرية أو العنصرية أو الدكتاتورية….إلخ
لكني هنا أتحدّث عن جانب محدد ذات الصلة بأن عملية التغيير المنشودة لن تحدث بغتة أو المنظومات التعليمية والصحية والسياسية والأمنية أو العوامل السببية الجوهرية أو الفرعية للثورة لن يْطرأ عليها التغييرُ دفعة واحدة أو بيوم وليلة فهذا مُحال.

من جانبٍ آخر أثناء عملية تحقيق أهداف الثورة (عبر المدى الطويل) والسير في سبيل التغيير والتصحيح سواءً للقواعد المحورية والمرتكزات الأساسية أو الفرعية منها، يجب أن تقوم عبر أسس ومحددات منبثقة من الأفكار الخلاّبة لأبناء الوطن ونابعة عن دراسة ممنهجة محددة.
صحيح بأن عجلة التنمية ونهضة المجتمع وحركتهما المتغيّرة تتبع بعض الأحيان للظروف والمتغيّرات والأجواء المختلفة ولكن لا يعني ذلك بالبته الاستسلام لتلك الظروف ورفع الراية البيضاء وإن كانت عبر فترة زمنية طويلة فالبوادر والملامح سرعان ما تظهر إذا بدأ النمو الحقيقي الصادق.

ولعلّي اشرح ما قلته آنفاً عبر السطور المختصرة التالية:

ثورات ما يسمى بالربيع العربي وأراه خريفاً لا ربيعاً تساقطت الدماء و الشهداء فيه كما تتساقط أوراق الشجر في ذلك الفصل. وأخصُ بالذكرِ ثورة 2011 اليمنية و -التي بفضل الله كنتُ أحد المشاركين فيها ضمن الآلاف- فإن الحادث اليوم هي عملية -استغفال وتخدير للشعب- على حد تعبير المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي عبر عدة محاور واتجاهات أُولها: إيهام المواطنين خاصة البسطاء منهم أو الطبقة (البروليتارية) بالمصطلح العلمي الإجتماعي، بفتح مشاريع كانت مفتوحة مسبقاً والاعتقاد بأنه انجاز تُشكر عليه السلطة والحكومة بعملهِ.
وذلِك يتجلّى عندما فُتِح مطار الريّان الدولي بالمكلا والفقاعة الإعلامية المصاحبة لذلك المشروع الجديد القديم، أو عملية سفلتت بعض الطرق في مدينة عدن أو بعض التصليحات لأنابيب المياه أو إعادة ترميم لمخلّفات الحرب في العاصمة المؤقته….إلخ
ولك أن تقيس وتُعدّد عزيزي القارئ على هذا المنوال كثير من المشاريع الهلامية كماً أو كيفاً، بدلاً من فتح مشاريع و أعمال جديدة تُحسب للفئةِ الحاكمة.

ثانياً الحاجات المحورية الأساسية للمواطن كانت بالفعل موجودة قبل قيام الثورة مثل الكهرباء والمياه والنت….إلخ وأفضل من ذي قبل، فعملية التحسين المستمرّة حاليًا هي أقرب ما تكون لتلميع صورة مشوّهة أصلاً الناتجة عن الفساد المتراكم، ودفن أهداف الثورة الأساسية المطالِبة بأمور تختلف كل الإختلاف عن الكهرباء والمياه…لأنها كانت أصلاً موجودة مسبقاً.

والأمثلة كثيرة أيمّا كثرة في هذا المضمار مثل سعر الصرف والرواتب و إلغاء الضرائب والمساعدات الدولية والنزاعات القبلية وتوفر الوظائف وعملية سفلتت الطرق …إلخ
إذاً عملية المنّ أو استغباء الشخص أو كما قال المفكر د.علي شريعتي اللجوء نحو -استحمار الفرد- هو منهج اتّبعه السياسيون والساسة وأولياء الأمر في كثير من الثورات بطرق مختلفة وأساليب متفرّقة لتغطية ثمار الثورة الوطنية بتربة غير صالحة للاستعمال، وبالتالي سرعان ما تنفك لتخرج وتنبت وتزدهر..
فلا بدّ لليلِ أن ينجلي.

وهذهِ النقطة من النقاط الرئيسية أو من إشكاليات قيام الثورات محاولة طمسها والنيل من هويتها بشتّى الوسائل وعبر مختلف الفصائل.
ومن الممكن القول باختصار تغيير مسار الثورة لمئارب معيّنة.
ما يميّز الثورات الباقية أي الخالدة والمحافظة عليها مدى الأثر المتحقق -النتائج- المتوافقة مع أهدافها الأصلية ومتابعتها عبر فترة زمنية محددة، أو بصيغة استفاهمية علينا دوماً التساؤل هل ثمة مؤشرات ودلائل تُوحي بنجاح مطالب الثورة بعد انقضاءها أو النفي هو الجواب وكم هي نسبة التحقق؟
فعلينا أن ندرك ما يعي ويحدث من حولنا من أمور ومتغيّرات وأن لا نتشرّب ونتجرّع مرارة المصطلحات الرنّانة المزيّفة أو الأفعال الأشبه بالسراب يحسبه الظمئان ماء، والخطابات التي يتشدّق بها المتشدّقون من تجار الحروب وانتهازي الثورات واستغلالي حاجات الناس فنخوض مع الخائضين دونَ فهِم ودراية وجهل مدبق دون الوصول لأي غاية.

وأخيراً جعلتُ حديثي منطلقًا من جانبٍ اجتماعي بَحَت بعيدًا عن لوائح السياسة ودهاليزها وآمل أن يصل مُرادي للقارئ الكريم.

*بقلم: محمد جلال البيحاني*

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *