السبت , مايو 18 2024

نحتاج إلى لغة العقل والمنطق حتى لا يظل الشعب يتجرع المرارة

 

لو سألت أي شخص كان من عدن حتى المهرة عن شعوره في يوم الوحدة اليمنية ٢٢ مايو ١٩٩٠ لقال لك: إنه في قمة الفرح والسعادة، فالوضع الذي كان يغرض نفسه على جنوب اليمن كان صعبا مقارنة بشمال اليمن والدول المجاورة حينها ..
ففي الشمال كان دخل الفرد والوضع الاقتصادي والانفتاح التجاري والسفر وكل الفرص متاحة أمام الجميع

في حين كانت الأمور في الجنوب مغلقة إلى حد كبير وإن شهدت تحسنا ملموسا في عهد الرئيس علي ناصر محمد ولكن ظلت قبضة الدولة على كل المجالات موجودة
ورغم ذلك التحسن الذي شعر به المواطن إلا أنه سرعان ما أتت انتكاسة كبيره في الأوضاع عقب أحداث يناير٨٦ وبعدها تفكك وانهيار المنظومة الاشتراكية في العالم؛ لتجد قيادة البلاد ممثلة بالرفاق الاشتراكيين أنها في وضع صعب تماما
خاصة في ظل ضعف الموارد العامة حيث لم يكن البترول الذي أعلن عن اكتشافه في شبوة و منطقة شرمة بحضرموت ومعه الذهب في وادي مدن غرب المكلا في حضرموت سوى كلام وعناوين على صفحات الجرائد وهو الأمر الذي زاد الوضع صعوبة وتعقيدا.

ولهذا ذهب الجميع للسعي خلف الوحدة التي كانت شعارا وطنيا يحفظه كل الشعب كبيرا كان أو صغيرا.
وأتذكر هنا حين سمح للتنقل في عام ٨٨ بالبطاقة بين الشطرين استغلها الكثير للخروج من الواقع المر والذهاب للشمال وبعضهم للسفر من هناك للخارج للبحث عن فرص عمل معيشية أفضل.

فيما كانت خطوات الوحدة في تلك الفترة تتسارع وسط ترحيب كبير من الشعب في الجنوب التواق أن يخرج من عهد انغلاق الفكر الاشتراكي إلى عهد جديد
يخرج به إلى فضاءات أفضل في ظل ما يصل إليه أن كل من حوله من الشعوب باتت في تطور وازدهار مستمر.

وحين قربت ساعة إعلان الوحدة كان الجنوبيون مسلمين الراية تماما فيما هناك كانت أصوات معارضة في الشمال خاصة لدى بعض التيارات الدينية والقبلية وبعض الشخصيات السياسية التي ظلت ترى في الحزب الاشتراكي اليمني أنه ذلك الحزب الذي كان يبشر بحراك ثوري على صعيد الجزيرة العربية، ويقُربِ سقوط الأنظمة (الرجعية) (البائدة) في نظره و المتمثلة في الممالك والامارات والسلطنات، وقيام ثورات شعبية مسلحة هنا وهناك. وهذا ما حدا بعض دول المنطقة حينها بمساندة اليمن الشمالي في صراعه مع نظام الجنوب الاشتراكي والقوى اليسارية الشمالية الموالية له.
خاصة مع ارتماء الحزب الاشتراكي في أحضان المعسكر الشرقي وإنشاء أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة في حينه قرب عدن (قاعدة العند)، والتي مثلت تهديدًا لأمن الدول المجاورة.

ورغم كل ذلك قامت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، في حين كانت القوى المحافظة والدينية والقبيلة في الشمال كما أشرنا تمانع من قيام وحدة كهذه مع نظام الحزب الاشتراكي الذي لا يتوافق مع أفكارها ويملك تاريخ مثقل بالصراعات والانقلابات الداخلية دون أن يقدم أي تراجع عن أفكاره اليسارية ومبادئه الشيوعية ويبدي اعتذارًا عن تاريخه، إلا أن الرئيس علي عبد الله صالح ضرب بكل ذلك عرض الحائط وكأنه وجد فرصة لا تعوض لدخوله التاريخ من أوسع أبوابه حين وجد كل الترحاب والموافقة والدخول في وحدة إدماجيه كاملة من قبل الرفاق المنهكين بقيادة أمين عام الحزب السيد علي سالم البيض الذي كان حال لسانهم حينها أن الوحدة هي طوق النجاة من الفشل القادم خاصة وأنه يتملك داخلهم كبرياء عدم الاحتضان لمعسكر الدول التي تتبع سياسة الرأسمالية في ظل شعاراتهم اتجاه ذلك لازال صداها مؤثرا وفي نفس الوقت بحثا على دخول التاريخ بتحقيق حلم شعارهم الكبير للنضال من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية.

لهذا فقد كانت كل الحسابات خطأ من جهة نظري ولم يكن حينها موعدا لوحدة يمنية تكاملية في ظل بون شاسع في كثير من الأمور والمجالات والأفكار والواقع هنا وهناك.
وكانت هناك حلول متعددة ربما تمهد لاستقلالية كبيرة وأمن وأمان واستقرار تعطي الجميع بعدها إشارة المطالبة والسعي نحو وحدة قوية ينعم من خلالها الشعب في كل أرجاء الوطن.

لهذا ونحن اليوم أمام منعطف واضح وغير عادي في مسار البلاد لابد علينا أن نتريث حول ذلك بفكر يملك نظرة بعيدة وأن يتدارس الجميع الحلول بعقلانية ودون تهور وتعصب والجري خلف شعارات هي من هدمت أساسنا بالأمس وتعمقت اثارها لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم فكفاية من مرارة تجرعها الشعب.

 

✍️محمد بن عبدات

 

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *