السبت , مايو 18 2024

عَمْد مفقودة..مفقودة

 

عَمْد مفقودة..  مفقودة

▪️ مقال للأستاذ/ عبدالعزيز بن مرضاح

قبل عدة أسابيع زار الوكيل للوادي والصحراء وقائد المنطقة الأولى وبعض الوكلاء ومدراء العموم مديرية عمد، كانت زيارة مفاجئة، ربما نعلم أحد أسباب الزيارة
وأخذوا يوعدون من حضر ذلك اللقاء من أعضاء السلطة المحلية والشخصيات الاجتماعية كما يقال عنها في المديرية بوعود عرقوبية لا تسمن ولا تغني عن جوع والجماعة مفرقزة عيونها منتظرة مايسفر عنه ذلك اللقاء من تطبيق القول إلى أفعال بعد تناول الوجبة الدسمة من
كبسة اللحم وكم بندل قات..

وبعد مرور تلك الأسابيع من الوعود لم يتحقق شيئا من تلك الهرتلة والهرطقة والوعود، حقيقة لا نعرف هل السبب ضعف قيادة السلطة المحلية في المديرية لمتابعة تلك الوعود، أم كانت ذر الرماد في عيون من حضر ذلك اللقاء من أصحاب التشباح والمناظر المؤقتة والركزة والصور..

في لحظة توقف أخذت أفكاري تتداعی وكانت معها مشاعري تحاول أن تغادر حالة الإحباط التي تكتنفها في مديرية أقل مايقال عنها بأنها مديرية فاشلة أو مايمكن
أن نقول أنّ كل شيء فيه منكوسا على رأسه لا على قدميه، أعرج متكئا على عصاه..

استطعت أن استجمع قواي لأرحل إلى الماضي فغادرت المشاعر موطنها المحصّن بسياج الأحداث المأساوية إلى هناك إلى أيام ولّت بخيرها وشرها لكنها عالم آخر كان لا بد من استحضاره، فأخذت الأماني والأحلام تتداعى استوقفت نفسي لأنظر إلى جبال عمد المستقرة، قوية بماضيها وحاضرها ليلحق بركب الحضارة والرقي كبقية المديريات..

ظللت أبحث عن وعلى الواقع بعد أن عرفته هو فساد السلطة المحلية وهشاشة وضعف القائمين ممن يدّعون أنهم يمثلون المجتمع المدني والمجتمع القبلي ولم نزدد
بعدهم إلا فقرا مدقعا ومرضا مفندا أصاب السواد الأعظم، وغنی مطغيا استأثر به شرذمة قليلة من الفاسدين، لم أعد أصدق ما قرأته وما قاله السابقون الذين أكن لهم كل التقدير..
فهو في ذاكرتي بات خيالا لا وجود له فأنا وغيري من أبناء هذا المديرية اليوم نبحث
عن مديرية مفقود فقدناه يوم أن أدركتنا مرحلة الإدراك فأخذنا نتملى الوجه الحقيقي لمديرية قيل عن عظمتها ومجد رجالها الكثير..

وياليتني بقيت على قناعتي بأن لدي مديرية عظيمة يتربع مساحتها رجال عظماء لكن واقع الصدمة جعلني أفقد شيئا من توازن النفس فأخذت أترحم على أیام الحزب الاشتراكي والاستعمار البريطاني اللذين لم أشهد أيامهما، لكني سمعت عنها من البسطاء وكبار السن الذين
لم تكن لهم مصلحة في أي منهما، العديد من المحاسن والايجابيات وربما بعض السلبيات سادت إبان حكمها..

والتي لم تصل إليها أي من الثورات سمعت عن العدل وإن كان البعض يعدها ظلما لكنه وإن كان فهو على الناس جميعا، وبهذا كما يقال الظلم في حق الجميع نوع
من العدل سمعت عن النظام وعن تطبيق القوانين وعن وعن وعن لكن شيئا من هذا لايوجد اليوم.

استرجع الذكريات فأسأل نفسي ياترى هل ممكن أن أجد مديريتي المفقوده يوما ما
حتى أرمي بجسدي المنهك في أحضانها ومعي الآلاف ممن يعيشون الاغتراب الروحي في مديريتهم أو الاغتراب الفعلي في أوطان شتى لايعترف لهم فيها بشيء فيعانون غربة الزمان والمكان..

أستذكر مع ذلك قول الزبيري رحمه الله وحلم العودة يراوده في منفاه حين رأی كل الطيور المهاجرة قد عادت إلى أوطانها إلا هو قائلا: اليوم عادت طيور الأرض
صادحة فمتى يعود الطائر اليمني لكنه وبعد مرور عقود من الزمن لم تعد وما زالت مهاجرة ولا زال الإذلال والحرمان هما الشعار والدثار على مستوى الروح والواقع
الذي يرى بأنه أهون عليه من ظلم ذوي القربى، لك الله أيها المغترب متى ستحتفي بميلاد مديرية عشت من أجلها وصبرت لترى لحظة ميلادها ؟! ولتقول له مرحی
بمديرية طال انتظارها..

لقد كانت خواطري تسابق نواظري وأنا ثاو على صخرة صما لا أحد يجيبني إلا الجبال بعدها تحاملت على نفسي لأعود وبداخلي مديرية حلمت بوجودها لكنها
لازالت مفقودة وسأظل أبحث عنها متمثلا ماقاله شوقي يرحمه الله وهو يعبر عن حبه لوطنه: وطني لو شغلت بالخلد عنه

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

أمير المؤمنين ((سالمين))..!!

    أمير المؤمنين ((سالمين))..!!   كتب الاستاذ عبيد احمد طرموم على صفحته في الفيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *