السبت , مايو 4 2024

حضرموت .. فقر فوق الأرض .. وثروات تحت الأرض !!

 

 

حضرموت .. فقر فوق الأرض .. وثروات تحت الأرض !!

لا أدري كيف أستهلّ الموضوع .. لكن ما لصق في ذهني أن أجدادنا عاشوا في هذه الأرض .. أرض حضرموت .. حضارة عريقة وقديمة قِدَم التاريخ ..

يسكنها أناس بسطاء .. يحملون أنفساً راضية مطمئنة .. لم تطمح أنفسهم يوماً إلى العيش في قصور فارهة .. ولا السكنى في فلل تحيط بها البساتين من بين يديها ومن خلفها ..

كانت عيشتهم كفافاً .. اكتفوا من الحياة بما يقيم أودهم ويستر حالهم .. البعض منهم لما واجهتهم المصاعب وابتلوا بعصابات الإجرام والسحل .. ضربوا في أطناب الأرض يطلبون الرزق فأتتهم الدنيا وهي راغمة ..

أما البعض الآخر فقد بقوا في وطنهم الأم وصبروا على الجوع والعذاب .. تقاذفتهم أمواج الزمن .. وتقلبوا في نار خطوبة.. وذاقوا من كؤوس مراراته أنواع البلايا .. فكانوا وكنا على أرض حضرموت .. أرض الثروات والفقر.

ثنائية محيّرة لم يستطع الحضرمي استيعابها بالرغم من مما أوتيه من ذكاء وفطنة .. وتلك شهادة من نابغة حضرموت وأديبها العظيم علي أحمد باكثير الذي قال عنا : ولو ثقفت يوماً حضرمياً ** لجاءك آية في النابغين.

هكذا هم الأدباء ( والحضارم أدباء العالم ) .. قلما تجد أديباً استراح على هذه الدنيا .. وامتلك من المال الكثير .. بل صحائف التاريخ تضج بمعاناتهم وفقرهم .. وكيف عاش بعضهم ومات فقيراً معدماً لا يملك من متاع الدنيا سوى ملابسه ويراعه.

دعونا نعود إلى هذا الزمن الذي ما زال فيه الحضرمي يشقى .. هذا الزمن الذي اكتُشف فيه في باطن أرضه النفط والغاز والذهب والمعادن .. مع ما تزخر بها ظاهر أرضه وبحاره وسمائه .. حتى حلم يوماً أن يودع الفقر وينعم بالليالي الملاح فترنم بالقول : ( الفقر ولى وراح ) .. فلا الفقر راح ولا طلع علينا قمر الليالي الملاح.

حضرمي اليوم تنطبق عليه الحكمة التي تقول : ( ما من شيء أحببته إلا وأبكاني .. وما من شيء تعلقت به إلا ورحل ) ..

وهكذا صيغ مشوار حياتنا على البكاء مما أحببناه .. ورحيل كل شيء تعلقت به نفوسنا البريئة.

أزعجني أن أقرأ عن حضرمية شريفة تلففت بجلبابها فجراً لتأكل من براميل القمامة .. لم تسأل أحداً طعاماً وربما استحيت أن تمدّ كفيها إلى الناس .. أبت نفسها الطاهرة أن تفعل ذلك ولو أكلت من بقايا المزابل.

أبكاني عندما أقرأ عن طفل بريء يحمل كيساً صغيراً من الدهن لتطبخ أمه به طعام الغداء لنستنتج أنهم يملكون قوت يومهم ..

يشترون بما يكسبه معيلهم يومياً قليلاً من الرز وربما عرقاً من البصل ولا أحسبهم يذوقون طعم السمك لأنه أصبح ترفاً يفوق طاقتهم.

أدمى قلبي حينما أسمع وأرى أباً يبكي من الشوق في حضرة أطفاله وزوجته .. يبكي لأنه لا يرى أطفاله الصغار .. لا يلاعبهم لا يملأ مقلتيه بالنظر إليهم .. لأن معظم وقته خارج البيت يشقى عليهم ..

لا يعود إليهم إلا وهم نيام ولا يخرج في طلب الرزق إلا وهم كذلك.

آلمني وآلم كل حي أن نرى الحضرمي يبحث عمّا رخص ثمنه وقلت تكلفته .. فنراه يجري وراء الخبز المدعوم والصيد الأرخص وطوابير الغاز وهكذا صارت حياته مشاوير منهكة من الجري وراء الضروريات والأساسيات.

فيا من أوصلتم حياتنا إلى القعر الحضيض .. إلى متى وأنتم فاعلون ؟؟ .. متى تلين قلوبكم القاسية .. ؟؟ .. متى ترحمون من هم على ظاهر الأرض .. لتعطوهم ولوشيئاً مما كمن في باطنها .. ؟؟

شيئاً ولو يسيراً مما سرقتموه ونهبتموه .. ؟؟ بالله عليكم أعطوهم قليلاً ولو كان الفتات أيها الحمقى .. دعوهم يعيشون ..

لماذا استأثرتم بكل شيء ولم تعطوا أصحاب الأرض شيئاً ؟؟ .. ألا تشفقون على الجوعى والمساكين ؟؟ ألا تتألمون من مناظر الفقر والبأساء والضراء التي ترونها في الناس من خلف زجاج سياراتكم المظللة ؟؟ ..

ألا تشعرون بالحر والرطوبة إن بقي أحدكم هنيهة من دون هواء المكيف ولو للحظات محدودة ؟ .. لماذا انزعجتم حينما خرج الناس يطالبون بحقوقهم المشروعة .. ؟؟ .. لقد انزعجتم إلى الحد الذي جعلكم تزهقون الأرواح وتريقون الدماء.

حضرموت .. فقر فوق الأرض .. وثروات تحت الأرض .. هو فيلم سينمائي طويل .. ودراما محزنة .. ماذا ستكون فيه النهاية ؟؟ ..

أعني النهاية التي ستخطها يد هذا الشعب .. أما أيديكم النجسة فلن يكون لها الخيار أن تختط سطور النهاية ..

يكفي أنها تلطخت بأوضار الفساد وأنواع الرذيلة.

✍🏻أحمدباحمادي..

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني

  مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني بداية من لا يشكر الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *