الجمعة , مايو 3 2024

اللواء صالح يسلم بن سميدع كما عرفته

 

اللواء صالح يسلم بن سميدع كما عرفته

“صالح بن يسلم باعلي بن سميدع ” رحمه الله رحمة الابرار وأسكنه فسيح جناته تجري من تحتها الأنهار كما عرفته, ذلك الرجل الكريم الشجاع الشهم الذكي الفطن المتواضع , ومع الكبار كبير ومع الصغار صغير يمازح الكهول , والاطفال لتطيب خواطرهم .

تربطه بوالدي صلة ألفة ومودة فائقة فيقول الوالد رحمه الله عندما أحضر إلى المكلا وأنزل ضيفا عنده أصبح أنا صاحب الدار وأهل الدار كلهم رجال ونساء وأطفال تحت أمري، وعندما يأتى القائد فى زيارة رسمية إلى “رخية ” وينزل فى الدار عندنا تتحول الدار إلى دارا للقيادة .

جاءنا القائد المرحوم فى زيارة الى السودان فى عام 1957 وزار قبر والده المتوفي والمدفون فى مدينة سواكن شرق السودان، وحضر لمدينة طوكر الزراعية التى يوجد بها جالية حضرمية كبيرة، يعملون بالزراعة والتجارة وكان والدنا حينها موجود بطوكر , وأقيمت له وليمة كبيرة ضمت جميع ابناء الجالية الحضرمية وعدد كبير من المسؤوليين والأعيان بالمدينة، وكان السودان حينها حديث الاستقلال من الاستعمار البريطاني .

فقام عدد من الشباب المتحمسين للاستقلال من ابناء الجالية، وقدموا سؤال للقائد لماذا لا تخرجوا الإنجليز وتعلنوا استقلال حضرموت، فرد عليهم إننا الآن فقط تحت الحماية البريطانية ولسنا مستعمريين، حكومتنا داخليا مستقلة تماما ولها كامل التصرف فى شئونها ماليا وإداريا، والإنجليز يحموننا من الطامعين فى أرضنا الغنية بالبترول والمعادن والمياه والتربة الزراعية والسواحل الاستراتيجية.

وعندما يكون لدينا جيش يستطيع حماية حدودنا، سنطلب من الإنجليز رفع الحماية والآن جيش الدولة القعيطية لا يتعدي أربعمائة جندي، والواحدي 90 جندي والكثيري أقل منه والمهري لاجيش له… فإذا تركنا الحماية البريطانية ربما يأتى الإمام من الشمال ويحتلنا، وهنا تمكن اللواء من إقناع الحاضرين بالمنطق ونال إعجابهم بشخصيته الفذة فهو موسوعة من العلوم .

وعندما استلمت الجبهة زمام الحكم فى البلاد كان أكبر هم له أمن العباد والبلاد، وعيّنوه رئيس لجنة الأمن ثم انقلبوا عليه.

وفى أوائل السبعينات زارنا فى السودان السيد على ناصر محمد على رأس وفد حكومة جمهورية اليمن الشعبية المشارك فى أحد أعياد السودان القومية، وقابلناه كوفد من الجالية بمقر نزله بالخرطوم منهم صاحب المقال والشيخ خميس مبارك باقفة والشيخ عبيد يوسف باناجه، وكان القائد بن سميدع وقتها ممنوع من السفر للخارج .

وطلبنا من السيد على ناصر والذى كان وزير الحكومة المحلية حينها السماح للقائد بن سميدع بالسفر والإقامة بالسودان ونحن مطمئنين على نزاهته ونقدم لكم كل الضمانات عنه، فرد علينا المذكور أنه فعلا سمع عنه وأثنى عليه وقال الآن البلاد فعلا محتاجة الى مثل أولئك الرجال وخبرتهم وعليه ان يتقدم لنا لعدن، وإن شاء الله يكون خير .

وأخبرنا القائد بذلك ورد علينا إنه أصبح كبيرا فى السن وقد أدى دوره كاملا ولا يرغب فى أي وظيفة جديدة ولا حتى في الهجرة إلى الخارج وأنه يفضل العيش فى بيته بين أولاده وأحفاده واستلام المعاش فقط.

وفى زيارتي للمكلا في عام 1971 مع والدي حللت ضيفا عليه بداره العامرة بالشرج وحضر السمر لفيف من أبناء المكلا الدارسين بالسودان وعلى رأسهم المرحوم سالم عمر بكير وأثنوا عليه كونه لم يهرب من البلاد مثل غيره .

وبعد ذلك تم إعادته الى السجن واستغربنا ذلك، وقد سمعت بإذني من راديو عدن أنّ عائلة بن سميدع قد قابلوا الرئيس سالمين وأعطاهم خطاب للمكلا بإطلاق سراحه , ثم سمعنا بإعدامه (إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) وعند ذلك الخبر حزن عليه والدنا حزنا شديدا وقال لقد قلت له (وكان المزاح بينهم مباح ) يا ( أغبر الكبه انته شالها كلها على قرنك إنها مشكلة بين قبايل حطيت مثناتهم تصلح بينهم , وان منطقة احتاجت إلى إغاثة أول من تقدم لهم أنت , وإن منكوبين عادوا من الهند أنت أول من استقبلهم , وإن تعاشوا رجّال وحرمته دخلت بينهم تصلح وش لك من كل هذا كله وفى النهاية حصلت جزاك من الشوت )

ونسأل الله كما جمعنا معه فى دار الفرار أن يجمعنا معه فى دار القرار رحمك الله يا أبا علي ونسأل الله سبحانه وتعالي أن يجمعنا فى جنات تجري من تحتها الأنهار..آمين يا رب العالمين .

حادثة القصر على إثر تعيين الشيخ القدال كسكرتير للدولة القعيطية _ ما هي الدواعي والأسباب كما أوردها شهود العيان، إن مجموعة من المتعنصريين والمتعصبيين بأفكارهم العقيمة يرون فى الشيخ القدال أنه غير مواطن حضرمي , بينما الشيخ القدال حسب الشرع والقوانيين والأعراف والأخلاق يعتبر مواطن حضرمي صالح من الدرجة الاولى , فقد أتى الى البلاد يحمل مشعل العلم والنور لتبديد الجهل والظلام، وبرز معلما ماهرا وإداريا باهرا وتتلمذ على يده الكثير من خيرة أبناء حضرموت، وأحب البلاد التى بادلته الحب، فقدومه كان لغرض سامي وليس للارتزاق المادي – شغل منصب إداري كبير فى التعليم، وتفانيه وإخلاصه وعلمه أهّله لمنصب السكرتير.

ونقول لأولئك المتعنصريين إنه فى تلك الأيام كانت توجد بالسودان جالية حضرمية كبيره تتمتع بكامل حقوق المواطنة السودانية من توظيف وتجارة وصناعة وزراعة وأوضاع اجتماعية ودينية، وعلى سبيل المثال الشيخ المرحوم صالح سعيد باضاوي قدم من المكلا الى عاصمة السودان الوطنية أم درمان وبرز فيها كأحد أعيانها وكان يعمل بالتجارة والعقار وصديق شخصي للسيد على الميرغني الزعيم الروحي للطائفة الختمية فى السودان، وأصبح من كبار أعيان أم درمان وتزوج من أكبر القبائل السودانية، والسيد على محمد سعيد بازرعه وكيل السيد عبدالرحمن المهدي الزعيم الروحي لحزب الأمة السوداني وذلك بمدينة بورتسودان وقد ترشح للبرلمان، والشيخ رشيد باعبود بارشيد شيخ الطريقة القادرية بمدينة طوكر ويأتون اليه الأتباع من كل أنحاء السودان لإقامة ليالي دينية بمنزله باعتباره من مشايخ الطرق الصوفية بالسودان، والشيخ عمر باشيح، شيخا للطريق السمانيه بمدينة بورتسودان والتى يتبعها الكثير من كبار المسؤولين والأعيان، والسيد عبدالرحمن باوراث والسيد عبدالله سعيد باوارث منحوا وسام ابن السودان البار وجوازات سفر دبلوماسية سودانية تقديرا لاعمالهم الجليلة.

وبقية أبناء الجالية يمارسون نشاطهم التجاري والصناعي والزراعي كإخوانهم السودانيين تماما والتاريخ يثبت ذلك – فهل بعد ذلك يعتبر الشيخ القدال غير مواطن حضرمي بل يستحق أكبر وسام المواطنة وأن يقام له تمثال بأكبر ميدان لما قدمه للبلاد والعباد .

وفى آخر ايام حياته التقيته بالسودان وسألته عن انطباعه عن حضرموت وأهلها وهو شخصية مطلعة ولصيقة ويحب المزاح باللهجة الحضرمية هو والأستاذ علي حامد عند مقابلتهم، فقال لي أهل حضرموت الداخل كلهم طيبين جدا أما اهل المكلا خليط .
ومضى القدال فى حديثه عند تعييني سكرتير جاءني يباركون عدد من الأعيان وحسب عادة الحضارمة استقبلهم بالمصافحة واقول – “من معي “، فيقول فلان وأرد عليه “ونعم بفلان ” مع كلمة لطيفة، ومثلا جاني “الناخبي ” , من معي , فقال “الناخبي” فقلت له ونعم بالناخبي نخبة الرجال الأوفياء , من معي , “بارحيم ” : ونعم ببارحيم والله يرحمنا جميعا , من معي , “بامطرف” فقلت له ونعم ببامطرف الاديب المخضرم والموسوعه العلمية الراقية , من معي , “باسويد” ونعم بباسويد انت قريب من السودان خليك قريب مني , من معي , باراس فقلت له ونعم بباراس وان شاء الله يكون رأسك مليان بالأفكار الزينة, من معي , ” باصره ” , ونعم بباصره وإن شاء الله باننصر الأمور , من معي , “بوعاران ” , ونعم ببوعاران ولكن كفاية عارة واحدة وخليك هادي، من معي فقال “باقعر” ونعم بباقعر ولكن كلنها باقعر وحتى الشجر لها قعور وتبادلنا الاحاديث والافكار وقد سمعتهم يقولون يستاهل يقع سكرتير رجال متعلم ومتكلم، ثم جاءوا العسكريين يتقدمهم اللواء بن سميدع وعلى وجهه علامات الرجولة والفروسية والذكاء .

أما عن أحداث القصر فقد قام أولئك المتعنصرين المناهضين للشيخ القدال، و كما روى الشيخ عبدالرحمن بفلح وكان بالمكلا فى طريقه من رخيه الى السعودية , إنه كنا جماعة جالسين فى أحد المقاهي قبلة مسجد عمر , سمعنا بعض الناس فى الشارع يقولون (بغينا القصر ) ظنينيا بأن هناك حفلة فى القصر وفيها غناء فذهبنا معهم وعند وصولنا الى القصر لم نجد أي حفلة وليس هناك أي مغني، وكلما سألنا أحد قال (مندري) , واتضح فيما بعد بأن هناك أشخاص غرروا بالشارع المسكين وحرضوهم للذهاب معهم إلى القصر واستعملوهم كأيدي عاملة لمقاتلة إخوانهم الجنود وتواروا عن الأنظار فهم المجرميين الحقيقين لحادثة القصر.

وتركوا الناس البسطاء فى هرج ومرج داخل ساحات القصر وأروقته مع الجنود، وعندما سمع بن سميدع بذلك وحسب طبعه وشيمته وشكيمته يحب يتصدي لكل كبيرة وصغيرة بنفسه شخصيا , فذهب للقصر لحل الإشكال وليس للقتال , ووبوصوله القصر وجد الوضع فى حالة إنفلات أمني كبير ولم يجد من يتفاوض معه بل وصل المشهد إلى تشابك بالأيدي مع الجنود لنزع أسلحتهم بالقوة وبالفعل نتفوا من أحد الجنود بندقه وإشهار الأسلحة البيضاء فى وجوه الجنود فحدث إطلاق النار من الجنود للدفاع عن النفس .

وكان بإمكان القائد بن سميدع يترك الوضع للشرطة المسلحة ويجلس فى داره فتقتل من تقتل وتعتقل من تعتقل، فرموه بها الأفّاكيين الذين أشعلوا نار الفتنة وتواروا خلف الأنظار وراح ضحيتها أبرياء بسطاء ﴿ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنّى يُؤفَكونَ﴾

وبالنسبة للمرحوم القائد بن سميدع فكانت مصوبة عليه عيون حاسدة كثيرة وشديدة يستكثرون نجاحاته الباهرة وتصديه لكل شيء بالإصلاح وأمانته ونزاهته، فوجدوا ضالتهم فى حادثة القصر، والحديث الشريف يقول (العين الحاسدة تقود الجمل إلى القِدْر وتودي بالرجل إلى القبر) وهذا ما حدث فقد قادته العين إلى القبر وقادت الشعب للقدر .

إذا استلم الأمور عيال السهالة (وعصدوها بجدر صيق واوصلوها الدك ), ولازال الشعب يلقم من عصيدهم حتى اليوم وأضحكوا ابليس وعياله حتى فحموا من الضحك , وما على على الناس إلا أن يتجهوا إلى الله العلي القدير أن يقيض لهم حاكم مثل المغفور له الملك عبدالعزيز بن سعود الذى الذى أمّن بلاده وعز مواطنيه، والشيخ حكيم العرب زايد الخير الذى حوّل بلاده من رمال وصحاري جرداء إلى جنة خضراء ومواطنيه الى أمراء، وكذلك الموهوب الاقتصادي الشيخ راشد الذى حوّل دبي من سبخه الى قبلة اقتصادية وتجارية عالمية، أما حاكم قطر الشيخ حمد متعه الله بالصحة والعافية والعمر المديد فهو غني عن التعريف، وكذلك لا ننسي محضار بن محمد الحضرمي الأصل الماليزي المولد الذى حوّل ماليزيا من دولة آسيوية فقيرة إلى دولة اقتصادية مرموقة, والرئيس الالماني إيرهارت الذى استلم المانيا الغربية منهكة ومحطمة من الحرب العالمية وحوّلها أفضل دولة صناعية فى اوربا، او رئيس تايوان الذى جعل من بلاده اعلى مستوي عالمي فى النمو وأقل مستوى فى البطالة والديون الخارجية فما على الشعب إلا التوجه الى الله أن يرزقهم مثل اولئك الحكام , وان لا يولي عليهم حكام يكون همهم الكبير فقط تشغيل شركاتهم التجارية، وتضخيم أرصدتهم البنكية .

رحمك الله يا شهيد الحسد والفتنة ورحم أولئك الابرياء البسطاء المغرر بهم، وأما من أشعلوا الفتنة فلهم يوما تأتي كل نفس معها سائق وشهيد فيكشف عنهم الغطاء وما ذلك على الله ببعيد، كفانا الله والقراء الكرام شر الحاسدين والأفّاكين والمنافقين والكائدين والكذابين والفتّانين إنه كريم مجيب.. آمين …

كتبه: سعيد سالم باعوم
الخرطوم

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني

  مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني بداية من لا يشكر الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *