الأحد , مايو 5 2024

الفرصة سانحة اليوم لاستعادة ماضي حضرموت المجيد

 

 

 

الفرصة سانحة اليوم لاستعادة ماضي حضرموت المجيد

 

عبدالحكيم الجابري:

تتمايز الشعوب بعضها عن بعض من خلال عدة اعتبارات ومعايير، ومن أهم ما يميز شعب عن غيره، هو مجموع القيم السامية والمبادئ النبيلة، التي يتمثلها ويحافظ عليها ويدافع عنها، الى جانب حجم مساهمته في بناء الحضارة البشرية معنويا وماديا، وأدواره في خلق حياة أكثر انسانية لنفسه أولا، ومن ثم مساعدة الآخرين لينالوها أيضا، وهذه معايير ليست بالسهولة تحقيقها، ولا يوفيها إلا قلة من الشعوب على هذا الكوكب.

شعب حضرموت هو من الشعوب القليلة التي حققت تلك المعايير، اذ امتلك الانسان الحضرمي كم هائل من القيم والمبادئ، وكانت له أدوار كثيرة وكبيرة على مدى تاريخه، وكان سببا في تغيير واقع كثير من الأمم والشعوب، وساعدها في الوصول الى حياة أكثر رقي وعيش أفضل، ويكفي أن نذكر مثال واحد فقط، وهو اعتناق مئات الملايين من البشر في العالم للدين الاسلامي، ويعود الفضل لهذا الانسان الذي قدم نموذجا لما يجب أن يكون عليه المسلم، بعد أن أتخذ الدين منهاج حياة وعبادة، فانعكس ذلك في سلوكه وعلاقاته مع خالقه أولا، ومع كل الموجودات من بشر ونبات وجماد، فكان ذلك دافعا لأن يقتفي الآخرون أثر الحضارمة.

قطعا، لا أدعي اننا من عالم الملائكة، فنحن بشر لنا محاسننا وكذلك مساؤنا، ومثلما نملك الكثير من الصفات الايجابية، أيضا فينا من السلبيات والأخطاء، وفي السنوات الأخيرة تعرضت الصورة النمطية للانسان الحضرمي لكثير من التشوهات، كما وقعت بعض قيمنا ومبادئنا تحت وطأة التجريف، لأسباب عدة، منها سياسة ممنهجة مفروضة من خارجنا، استهدفت المجتمع الحضرمي ظاهره وباطنه، ومنها ما هو نتيجة تأثر بثقافات وافدة وسلوكيات دخيلة، استغلت ضعف مرجعياتنا التقليدية، التي كان لها دور أساسي في الذوذ عن القيم ومعاقبة من يتجرأ عليها، الى جانب ضعف المناعة الداخلية لدى الأفراد، بسبب تردي الأوضاع المعيشية والانهيار الاقتصادي، وكلها نتائج الحرب التي لسنا طرف فيها ولا ساحة لها.

رغم كل ما تقدم يظل الانسان الحضرمي هو الأفضل، مقارنة بغيره على مستوى المحيط القريب والأبعد نسبيا، ففي وقت تشهد فيه جميع المناطق القريبة في الساحة اليمنية، صراعات وأعمال عنف واقتتال بين المختلفين سياسيا، تظل حضرموت بعيدة عن تلك المظاهر البشعة والمؤلمة، بفضل حضارية شعبها واحتفاظه بقيم التسامح والقبول بالآخر، فخلافات أهل حضرموت وان بلغت مداها، لن تصل الى أن يحمل حضرميا السلاح في وجه أخيه، لأن الجميع يؤمنون بحق الاختلاف، وان خير السبل لحل أي خلاف هو الحوار، وأن القبول بالآخر من شأنه تعزيز حالة السلم الاجتماعي، والتأسيس لانطلاقات متعاقبة نحو فضاءات المجد.

اليوم، وحضرموت في بداية عهد جديد، بتعيين محافظا مدنيا لادارتها، وهو الذي أعلن في أول خطاب عام له، انه سيهتم بوحدة الصف الحضرمي، واعادة لحمة المجتمع وتعزيزها، وخلق بيئة لمزيد من التفاهم والتقارب بين جميع المختلفين، لتكون حضرموت ومصالحها جامعهم الأكبر، وأظنه بدأ مبخوت بن ماضي في تنفيذ تعهداته تلك، من خلال انفتاحه على جميع الأحزاب والمكونات والشخصيات السياسية، دون تحيز أو محاباة أو خضوع لاملاءات، وهذه مبشرات بعهد قادم يحمل لحضرموت وأهلها الكثير من الخير، ويحيي الأمل في استعادة أمجاد تليدة، نقشها الآباء والأجداد في كتاب التاريخ، وسيتحقق لنا ذلك متى استفدنا من هذه الفرصة التي سنحت، وأن ننفض الغبار عن قيم ومبادئ ورثناها عن أسلافنا العظام.

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني

  مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني بداية من لا يشكر الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *