الجمعة , مايو 3 2024

حضرموت بين الاستراتيجية السياسية والملف الأمني والاقتصادي

حضرموت بين الاستراتيجية السياسية والملف الأمني والاقتصادي

 

 

بقلم / أحلام الكثيري
الأربعاء ١٤/يونيو/٢٠٢٣

عرّف الكاتب الفرنسي أندريه لوبي الاستراتيجية بأنها “هي استخدام القوة لتحقيق الأهداف، والمصالح السياسية”.

 

وقد تستخدم الدولة الاستراتيجية في أوقات السلم وأوقات الحرب، فمثلا في الحرب قد تستخدم الاستراتيجية بمفهومها التقليدي عن طريق استخدام القوة العسكرية، كما حدث في حرب اليمن ضد الانقلاب الحوثي (أنصار الله) عام ٢٠١٥م، وقد تستخدم الاستراتيجية في فترة السلم بمفهومها الحديث لتحقيق أكبر قدر من المصالح السياسية عن طريق التفاوضات السياسية، وتفعيل المشاريع الاقتصادية، وإعادة البنية التحتية لكل مرافق ومؤسسات الدولة المتعلقة بالتعليم والصحة والاتصالات والكهرباء، وعبر الأحلاف والتكتلات السياسية، والاقتصادية والأمنية.

 

فبعد حرب استمرت لثمان سنوات في اليمن، نجد أن الاستراتيجية التي تتبع حاليا من قبل الدول الإقليمية والدولية، منذ أن أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة “هانس غروندبرغ”، عن دخول الهدنة في اليمن حيّز التنفيذ في ابريل ٢٠٢٢، والذي يشمل إيقاف الحرب برًا وبحرًا وجوًا، ورغم تعنت الطرف الأخر “أنصار الله” واختراقهم للهدنة باختلاق عدة هجمات، وفتح جبهات حرب بشكل متفرق ومتباعد في بيحان ومأرب، وأخرها إرسال مسيرات إلى ميناء الضبة في حضرموت، والتي تعد تهديدً لخط الملاحة البحرية الدولية، وعليه بدأ تغيير الاستراتيجية السياسية الدولية والإقليمية والمحلية، من إستراتيجية تقليدية إلى استراتيجية أكثر حداثية، وذلك بصناعة الأحلاف الدولية والإقليمية، فنجد أن اتفاق محادثات السلام بين السعودية الداعم الإقليمي للملف اليمني وإيران الداعم الإقليمي لأنصار الله، عبر الوساطة الصينية، والتي تعد مؤشرًا إيجابيًا لبدء فتح ملفات عمليات السلام في الشرق الأوسط “الملف النووي” بشكل عام وملف السلام في اليمن بشكل خاص.

 

سأحاول في هذا المقال حسب قراءتي الأولية بشكل مبسط، بأن أسقط فكرة استراتيجية التحالفات السياسية في ظل مفاوضات التسوية السياسية القادمة، والتي سيشارك بها الوفد الحضرمي المشارك في الرياض عاصمة القرار العربي، فالواقع السياسي الحالي في اليمن يظهر لنا حالة عدم التوافق بين المجلس الرئاسي اليمني، وبين المكون الانتقالي الجنوبي في المناطق المحررة من جهة، وبينهما وبين أنصار الله في صنعاء من جهة أخرى، والتي تؤخر عملية التقارب والتفاوض، بسبب تعنت بعض الأطراف السياسية شمالاً وجنوبًا، فنجد أن الانتقالي يريد أن يقدم نفسه كممثل سياسي عن الجنوب وأنه يشكل الكتلة الأكبر للجنوب، وعلى الرغم من أن الواقع السياسي يثبت غير ذلك، وخصوصًا  بعد إصداره البيان الختامي للقاء التشاوري الجنوبي، والذي وافق يوم الإثنين في الثامن من شهر مايو ٢٠٢٣ في عدن وقد تخلل عن الميثاق الوطني الجنوبي، عدة وثائق تم التوقيع عليها، ممثلة في وثيقة “مشروع اتجاهات الرؤية السياسية للمرحلة الراهنة”، ووثيقة “أسس وضوابط التفاوض السياسي القادم”، ووثيقة “أسس بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة”، متجاهلين بذلك بقية المكونات الجنوبية، وحضرموت وشبوة والمهرة، والتي أعلنت عن عدم مشاركتها في اللقاء التشاوري الجنوبي، وأن من حضروا من المناطق الشرقية وأبين وعدن يمثلون أنفسهم ويمثلون الانتقالي، ولا يمثلون المكونات السياسية الرئيسية في مناطقهم، وهذا ما يؤخر التقارب بين الأطراف الشمالية والجنوبية من جهة، ومن جهة أخرى الأطراف الشرقية، والتي تعد فيها حضرموت أكثر المناطق استقرارًا، فكلما زاد الخلاف بين الأطراف السنية الشمالية والجنوبية، وبينهما وبين الطرف الشيعي في الشمال، في ظل هدنة تتخللها صراعات المكونات السياسية، والذي يعكس بدوره إلى عدم استقرار العمليات الأمنية في المناطق التي تسيطر عليها الشرعية اليمنية، فكلما ازداد تفاقم الصراع بتواجد الميليشيات في صنعاء وعدن وشبوة والمهرة وأبين…الخ وتجدد ظهور القاعدة، والتي ستؤدي إلى تعطيل عملية السلام في اليمن.

 

وحيث يرى المحللون والمختصون السياسيون المحليين والدوليين، أن هذه الصراعات ستؤثر في المشهد الأمني والاقتصادي، ويدعون إلى أهمية تقارب وجهات النظر بين جميع الأطراف السياسية؛ للوصول إلى مشروع سياسي مشترك، يضم كافة الكتل السياسية؛ لتشكيل حكومة توافقية انتقالية خلال الأربع أو الخمس سنوات القادمة، فهل تكون حضرموت هي بداية لبنة بناء جسر العبور نحو عملية السلام الأمني والاقتصادي والسياسي، خصوصًا بعد التسريبات المتداولة بأنه سيتم ضم كل أعضاء مجلسي النواب والشورى والوزراء ونوابهم والوكلاء ورؤساء المؤسسات مع وفد حضرموت في الرياض، ومن المتوقع إعلان المجلس الوطني الحضرمي، خلال الأيام القادمة والإعلان عن حكم ذاتي لحضرموت، وقد يتم إقالة حكومة د.معين عبدالملك وإحالته للتحقيق، وتشكيل حكومة توافقية جديدة، فهل سيتم تحييد حضرموت أمنيًا واقتصاديًا وسياسًا، عن أي صراع في اليمن، بدلاً من أن تبقى جسرًا عائم من الإيرادات؛ لرفد خزينة حكومة د. معين والبنك المركزي في عدن، وتقاسم الإيرادات بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثي وبعض المناطق الجنوبية التي يسيطر عليها الانتقالي في عدن، بينما تشهد مأرب والمخا نوعًا من إعادة عمليات الإعمار، وحتى لا تظل الدولة العميقة في اليمن والمتمثلة في حكومة الظل، هي المستفيدة من استمرار الصراع بين الفرقاء السياسيين اليمنين وبين مجلس القيادة الرئاسي بمعولي الانتقالي و أنصار الله.

 

عن ادارة التحرير

Avatar

شاهد أيضاً

مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني

  مغالطات غريبة في حساب اللواء الركن فرج سالمين البحسني بداية من لا يشكر الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *