لمحة تاريخية عن أشهر الأوبئة والطواعين

 

يوسف بن سند

١_ طاعون عَمْوَاس:
وهي قرية في فلسطين ابتدأ منها الطاعون وعمّ بلاد الشام في سنة ١٨هـ الموافق ٦٤٠م زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومات فيه ٢٤ ألفًا من الصحابة والتابعين وغيرهم.

توفي فيه أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجرّاح رضي الله عنه أمين الأمة.
وتوفي فيه معاذ بن جبل فقيه الأمة وأعلمها بالحلال والحرام وسفير النبي صلى الله عليه وسلم وداعيته وقاضيه إلى اليمن.
وسهيل بن عمرو صاحب صلح الحديبية وابنه أبوجندل العاص بن سهيل بن عمرو صاحب القصة المشهورة في صلح الحديبية
ومنهم أيضا يزيد بن أبي سفيان وضرار بن الأزور وشرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس.

انجلى طاعون عمواس لمّا تفرق الناس في الجبال وقلَّ اختلاط بعضهم ببعض مدة من الزمن حتى انجلى وعاد الناس.

وكان ذلك بأمر من عمر بن الخطاب أو عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

يقال إنّ هذا الطاعون كان امتداداً لطاعون قبله هو طاعون جستنيان الآتي ذكره.

٢_ الطاعون الأنطوني:
ظهر في الدولة الرومية عام ١٦٥م زمن حكم الأسرة الأنطونية للروم وانتشر في أوربا ودمر الجيش الروماني واستمر ٢٥سنة.
قتل الطاعون قرابة خمسة ملايين.

٣_ طاعون جستنيان:
ظهر عام ٥٤١م ابتدأ من القسطنطينية وعم الدولة الرومانية زمن القيصر جستنيان.
استمر سنة ثم عاود الظهور في فترات متقطعة لمدة ٢٠٠سنة.
تسبب في وفاة ٢٥_٥٠ مليون من البشر.
يقال إن طاعون عمواس من امتدادته وتفشياته.

٤_ الطاعون الأسود:
ابتدأ عام ١٣٤٧م أقرب موطن له هو وسط آسيا انتشر في العالم لكنه أكثر ما تفشّى في أوربا والصين والشرق الآسيوي.
قتل أكثر من ١٠٠ مليون من البشر خلال سنواته.
فقدت أوربا والصين ثلث سكانها بسببه.
سمي بالأسود لما ترك وراءه من المآسي والآثار.

٥_ وباء الكوليرا في القرنين الماضيين:
ظهر عام ١٨١٦م ومرَّ بسبع دورات انتشار كل ٢٥_٣٠ سنة تقريبا يعاود الظهور والانتشار.
ابتدأ من المستنقعات الملوثة في بنجلاديش وكذلك من نهر الغانج المقدّس لدى الهندوس الذي كان خزّان مياه ملوث.
قتلت الكوليرا في دوراتها أكثر من ٤٠ مليوناً من البشر وانتشرت في كل العالم.

٦_ وباء الإنفلونزا الإسبانية:
لم يبدأ من إسبانيا لكن الصحف الإسبانية هي أول من أشارت إليه وحذرت منه فنُسب إليها.
لا يعرف موطنه الأول قيل الشرق الآسيوي وقيل فرنسا.
تفشّى في نهاية الحرب العالمية الأولى ١٩١٨م وساعدت الحرب على انتشاره بما خلّفته من أضرار.
أصاب ٥٠٠ مليون من البشر وقتل قرابة ٥٠ مليونًا منهم.

٧_ وباء الجُدَرِي:
هو مرض مشهور ينتج عنه بثور في الجلد تبقى آثارها بعد ذهابه.
وقد انتشر كثيراً في الماضي وتسبب بوفاة مئات الملايين.
ومما يذكر أنّ الأوربيين استعملوا المرض في حربهم للهنود الحمر سكان الأمريكيتين الأصليين وإخضاعهم واحتلال بلادهم، فكانوا يرسلون لهم بضائع ملوثة بالجُدَرِي ويبيعونها عليهم أو يهدونها لهم؛ مما تسبب بانتشاره انتشاراً واسعا وأودى بحياة ثلثي السكان الأصليين في الأمريكيتين الذين لم تكن لهم مناعة في أجسامهم عنه ولا يعرفون علاجه.

خاتمة:
يلحظ مما سبق أن أكبر منابع الأوبئة والطواعين هما:
١_أوربا.
٢_الشرق الآسيوي (الصين والهند).
ولعلّ ذلك يرجع في العموم إلى سببين:
الأول: الاكتظاظ السكاني في بلدانهم
الثاني: قلة تطهرهم في أبدانهم وأطعمتهم وبقية شؤونهم.

ويلحظ أنّ البلدان الإسلامية سلمت في غالب تاريخها من الطواعين والأوبئة الفتّاكة التي تحصد الملايين، وإن وقع فيها أوبئة قتلت عشرات الآلاف.
والسبب في ذلك بعد حفظ الله لهم هو التزامهم بالطهارة المستمرة في أبدانهم وأطعمتهم وذبائحهم وغير ذلك.
وأيضا اتساع مساحة العالم الإسلامي ودوله مما يخفف من الاكتظاظ فيها.